...
الفصل العاشر: التربية في الشرق العربي الإسلامي في العصور الحديثة
مقدمة:
تركنا البلاد العربية الإسلامية في العصور الوسطى وقد وصلت إلى قمة ازدهارها وعظمة مجدها وكانت مشعل الحضارة والعلم الذي أضاء عصر النهضة لأوربا ومن بعدها نهضتها الحديثة. وشهدت تلك الفترة نهضة في الفكر التربوي الإسلامي ونهضة في التعليم وإنشاء المدارس. ولكن لكل شيء إذا ما تم نقصان. وقد عجل بهذا النقصان سقوط الدولة الإسلامية فريسة للتتار والمغول في منتصف القرن الثالث عشر عندما سقطت لهم بغداد كعبة العلم والثقافة. وورثوا تراث المسلمين وخلفوهم في الحكومة. "وناهيك بؤسا وشقاء للإنسانية وخرابا للعالم أن تتولى قيادة العالم أمة جاهلة وحشية ليس عندها دين ولا علم ولا ثقافة ولا حضارة" "أبو الحسن الندوي: ص257".
ولم يلبث أن ظهر الأتراك على المسرح العالمي كقوة حربية هائلة مكنتهم من السيطرة على الشعوب العربية منذ عام 1517م عندما استولوا على مصر وسوريا ومن بعدها امتدت سيطرتهم على بقية ربوع العالم الإسلامي. ولم تجد الشعوب الإسلامية غضاضة في الحكم التركي تحت شعار الإسلام بل وبعث الأمل فيها من جديد لإعادة مجد الإسلام على يد الأتراك. وكان الأتراك قد اتخذوا الهلال شعارا لهم من القرن الثالث عشر باعتباره رمزا دينيا وحربيا. ومن سوء حظ المسلمين أن الأتراك لم يحققوا هذا الأمل وشغلوا ببناء قوتهم العسكرية وتوسيع ملكهم حتى استنزفت قوتهم وانتهى بهم الأمر إلى الضعف والتدهور.
وكان شر ما أصيبوا به جمود الحياة الفكرية والثقافية، وكانت النتيجة وخيمة على العالم الإسلامي إذ استسلم لفترة من النوم العميق امتدت إلى ما يقرب من أربعة قرون. وكان حال العالم الإسلامي في القرن التاسع عشر أسوأ مما كان في القرن الثالث عشر، وهذا يعني أن العالم الإسلامي كان متأخرا بست