وقد درجت الدول العربية الإسلامية في العصور الحديثة على إرسال طلابها في طلب العلم والدراسة في مختلف المعاهد والجامعات بدول العالم المختلفة. ومع أننا بهذا نحيي سنة قديمة سنها سلفنا الصالح فإنه يبدو في بعض الأحيان وجود تخوف من نتائج إرسال البعثات العلمية الدراسية إلى الخارج ولا سيما لدول غير الإسلامية التي تختلف في ثقافتها ونظامها الاجتماعي. وقد تردد هذا التخوف في توصية للمؤتمر العالمي الأول للتعليم الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة سنة 1977م فأشارت التوصية إلى قصر إرسال هذه البعثات على التخصصات النادرة بعد مرحلة الليسانس نظرا لما يتعرض له الشباب في الخارج من فتنة جارفة في عقيدته. وهذه التوصية تستحق في الواقع وقفة لعدة أمور أشرنا إليها في تعليقنا على هذه التوصية. وهو ما سيأتي ذكره.

وينبغي أن نشير هنا إلى أن الرحلة في طلب العلم ظلت طيلة القرون الأربعة الأولى من مجيء الإسلام الوسيلة الأساسية لطلب العلم لأنه لم تكن هناك مدارس آنذاك. وفي آخر القرن الرابع وبداية القرن الخامس الهجري ظهرت المدارس وانتشرت وضمت المشايخ والعلماء. فكانت وسيلة أيسر من الرحلة في طلب العلم، وصار طالب العلم في غنى عن الارتحال في طلبه وبدأ طلاب العلم يرتحلون إلى المدارس بل ويقيمون فيها حيث يتلقون العلم على يد شيوخها وعلمائها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015