ما يعلم" وقد ورد في فتح الباري بشرح البخاري 5/ 360 "كتاب الإجازة" قول الحكم: "لم أسمع أحدا كره أجر المعلم".

وأورد ابن وهب في موطئه عن عبد الجبار بن عمر قوله: كل من سألت بالمدينة لا يرى لتعليم المعلمين بالأجر بأسا. وهناك أمثلة واقعية لمعلمين كانوا يأخذون أجرا على تعليمهم من أشهرهم المبرد الذي كان لا يعطي الدروس مجانا وكان الزجاج يدفع إليه درهما في اليوم لقاء تعليمه.

وقد رد الطهطاوي في العصور الحديثة على من قال بعدم جواز أخذ أجر عن التعليم، وذهب مذهب جمهور المسلمين في القول بأن يأخذ المعلم أجرا على التعليم، وقد كان المعلم في العصور الإسلامية ولا سيما معلم الكتاب يأخذ أجرا يتفق عليه من أولياء الأمور وكان هذا الأجر يدفع عادة إما مشاهرة "بالشهر" أو مساناة "أي بالسنة". وقد يكون نقديا بالمال أو عينيا بالغلال والحبوب وغيرها من الخيرات أو بهما معا. وقد يترك أمر الأجر لتقدير الآباء وحسب كرمهم وأريحيتهم.

أما المعلمون أو العلماء الذين كان يعينهم الولاة والحكام في مدارسهم التي كانوا ينشئونها كالفاطميين في مصر ونظام الملك في بغداد ونور الدين زنكي في الشام وصلاح الدين الأيوبي في مصر فكانت لهم أجور منتظمة تدفع لهم من خزانة الدولة ومن بيت المال.

وهناك اختلاف بين المؤرخين حول مسألة بدء ترتيب أجور منتظمة للعلماء والمعلمين. فهناك رأي يقول: إن نظام الملك هو أول من رتب الأجور للعلماء والمدرسين في مدارسه النظامية، ورأي آخر يقول: إن ترتيب الأجور للمعلمين بدأ قبل نظام الملك. وهناك رأي يقول: إن الفاطميين أول من رتب أجور منتظمة للعلماء والمعلمين ولكن من المعروف أن العباسيين شيدوا بيت الحكمة في بغداد، وعينوا له العلماء والمترجمين والنساخ ورتبوا لهم المرتبات والأجور. ومن بعدهم بني الفاطميين الأزهر لخدمة المذهب الشيعي ووكلوا إلى رجالهم وعلمائهم الإشراف عليه وتوجيهه.

ثم أنشأ نظام الملك عدة مدارس عرفت باسمه أشهرها نظامية بغداد وكان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015