يقتصر تأثيره على المادة العلمية أو التخصصية التي يدرسها وإنما يتعدى تأثيره إلى ما هو أبعد من ذلك من حيث القيم أو المثل أو السلوك وغيرها من المجالات التي يؤثر فيها المعلم على التلميذ. وعلى هذا ونظرا لهذا التداخل بين مفهومي التربية والتعليم نجد على سبيل المثال أن بعض المشتغلين بالتربية الإسلامية قد يرفض على غير حق اعتبار أسلوب الوعظ والإرشاد كأحد أساليب التربية الإسلامية. وينظر إلى أن أساليب التربية الإسلامية إنما تقتصر على الإلقاء أو الحفظ أو التلقين أو التسميع أو المحاورة أو الإملاء وغيرها من الأساليب التي تكون ألصق ما يكون بمفهوم التعليم.
رابعا: أن الكتابة في التربية الإسلامية قد تصطدم بمشكلة وضوح الرؤية في تتبع مسار الأصالة والتجديد للفكر الإسلامي عبر العصور المختلفة. فمن المعروف أن الفكر الإسلامي وإن كان يرجع في أصوله المتفق عليها إلى أصول واحدة هي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. فإنه تعرض لتأثير عناصر فكرية غريبة عنه حتى منذ العصور الأولى للإسلام.
فبعض المسلمين دخلوا الإسلام ليهدموه ويروجوا البدع فيه وهم في حمايته وتحت رايته. وقصة عبد الله بن سبأ مع علي بن أبي طالب معروفة. فعبد الله بن سبأ يهودي أسلم ورأى مرة سيدنا عليا يرفع بيده ثقلا كبيرا يصعب على إنسان واحد أن يرفعه ولعله غطاء بئر على ما أذكر. فقال له عبد الله بن سبأ: والله ما رفعته بقوة جسمانية، وإنما بقوة ملكوتية، مرددا بذلك نظرية الفيض الإلهي عند المجوس، التي هي غريبة على روح الإسلام، وعندها نجد أن الإمام عليًّا يدرك المغزى وينكر على ابن سبأ هذا القول ويهدده بقوله: والله لو عدت إلى هذا القول لرجمتك. وهذا مجرد مثال واحد أردنا أن نورده للتدليل على دخول أفكار غريبة في الإسلام على يد أناس أسلموا ليكونوا معاول هدم الإسلام. وكم في الإسلام أناس من أمثال عبد الله بن سبأ. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "تتفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة الناجية منها واحدة والباقون هلكى" قيل: ومن الناجية؟، قال: "أهل السنة والجماعة". قيل: وما السنة والجماعة؟ قال: "ما أنا عليه اليوم وأصحابي".