2- عقل رشد:
وهو الذي يعلم به صاحبه فيعمل، وهو العقل الصحيح الذي يقبل الحق إذا علمه، ويبعد عن الشر إذا عرفه، فالذي يعلم الحق ولا يعمل به ليس لديه عقل رشد، وإنما لديه عقل إدراك، حيث أدرك به العلم، ولم يسترشد بذلك ويرشد، قال ابن تيمية رحمه الله1: فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه، ولا العمل بلا علم، بل إنما يسمى به العلم الذي يعمل به، والعمل بالعلم، ولهذا قال أهل النار: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} 2. وأيضا قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} 3. وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} 4.
فهؤلاء الكفار لديهم عقل إدراك الذي هو مناط التكليف، ولكنهم فقدوا عقل الرشد بسبب عدم اتباعهم الحق بعد أن تبين لهم.