بين الناس، وكل ذلك من القربات، ولذلك تولاه الأنبياء ومن بعدهم من الخلفاء الراشدين، ومن ثم اتفقوا على أنه من فروض الكفاية، لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه.
وقال الحافظ أيضا على باب ما يكره من الحرص على الإمارة؛ هو في حق من دخل فيها بغير أهلية، ولم يعدل فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة، وأما من كان أهلا وعدل فيها فأجره عظيم، كما تضافرت به الأخبار اهـ.
وفي المواهب كان قيس بن سعد بن عبادة بين يديه صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة، قال الزرقاني في شرح المواهب بضم المعجمة والراء وقد تفتح الراء: الواحد شرطي أو بمنزلة كبيرهم، وهم أعوان الولاة، سمّوا بذلك لأنهم الأشداء الأقوياء من الجند، قيل: لأنهم نخبة الجند، وشرطة كل شيء: خياره. وقيل: لأن لهم علامات يعرفون بها، وهذا الحديث كله رواه الطبراني، وروى القطعة الأخيرة منه البخاري عن أنس قال: «إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير» (?) .
وقال الإمام أبو الحسن السندي المدني في حواشيه على مسند أحمد: الشرط جمع شرطة وشرطي، وهم أعوان السلطان لتتبع أحوال الناس وحفظهم، ولإقامة الحدود.
وقيل: هم أول الجيش ممن يتقدم بين يدي الأمير، لتنفيذ أوامره. وقيل: هم نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم اهـ.
ويرحم الله الإمام أبا الحسن الخزاعي حيث قال في كتابه الآتي ذكره: وذكرت في كل عمالة منها من ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها من الصحابة ليعلم ذلك من يليها الآن، فيشكر الله على أن استعمله في عمل شرعي، كان يتولاه البعض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقامه مقامه ويجتهد في إقامة الحق فيه مما يوجب الشرع ويقتضيه، فيكون قد أحيا سنة وأحرز حسنة» .
وأصله ما ذكره أبو موسى المديني وأبو الربيع الكلاعي في الاكتفاء ثم ابن الأثير في أسد الغابة وابن حجر في الإصابة في ترجمة أميمة والدة أبي هريرة رضي الله عنه ويقال:
إسمها ميمونة: عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب دعاه ليستعمله (يوليه) فأبى أن يعمل له، فقال له أتكره العمل وقد طلبه من كان خيرا منك؟ قال: من ذاك؟ قال: يوسف بن يعقوب. قال: يوسف: نبي بن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة. انظر ص 21 من جزء النساء من الإصابة.
وفي رحلة الأديب الكاتب أبي محمد الشرقي بن محمد الإسحاقي الحجازية على قوله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً [الفرقان: 74] قال بعض العلماء: يؤخذ من هذه الآية؛ أنه يجوز للإنسان أن يطلب المراتب العلية في الدين، كالولاية والعلم مثلا والتقدم فيه اهـ.