كالملوك، وقد قال فيلسوف الإسلام الغزالي في الإحياء: «ومن خصائصه عليه السلام أنه جمع له بين النبوة والسلطنة» اهـ وإلى كلامه هذا أشار الحافظ الأسيوطي في أنموذج اللبيب حيث قال: وجمع له بين النبوة والسلطنة، ولم تجمع لنبي قبله (?) . عد هذا الغزالي رحمه الله في الأحياء. ولما تكلم الإمام السهيلي في الروض على قول أبي سفيان للعباس لما حبسه في محتبس الوادي يوم الفتح: لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما. ورد عليه العباس بقوله إنها النبوة قال: فنعم إذا. ذكر عن القاضي أبي بكر بن العربي إنما أنكر العباس ذكر ذلك الملك مجردا من النبوة، مع أنه كان في أول دخوله في الإسلام، وإلا فجائز أن يسمّى مثله ملكا وإن كان لنبي فقد قال تعالى: وَشَدَدْنا مُلْكَهُ [ص: 20] وقال سليمان عليه السلام وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي [ص: 35] .

غير أن الكراهة أظهر في تسمية حال نبينا صلى الله عليه وسلم ملكا، لما في الحديث أنه خيّر بين أن يكون نبيا عبدا أو نبيا ملكا فأشار إليه أن تواضع فقال: بل نبيا عبدا (?) .

قلت: كلام ابن العربي هذا وجدته في الأحكام: ص 199 من الجزء الأول. ولا شك أن ما نحن فيه ليس مما ينكر ولا ينكره أحد وقد قال الشهاب الخفاجي على حديث أبي مسعود البدري أن رجلا قام بين يديه عليه السلام فأرعد من الفرق فقال: هون عليك فإني لست بملك (?) ما نصه: يعني لست من الملوك الجبابرة حتى تخاف مني لأن جبريل جاءه من الله وخيّره بين أن يكون نبيا عبدا أو نبيا ملكا فاختار أن يكون نبيا عبدا ولم يرض بوصفه بالملك وكذا الخلفاء الأربعة. وأول من ملك في الإسلام معاوية فلا وجه لقول بعضهم هنا: إن هذا لا ينافي أنه ظهر ملكه وإن كان ملكه نبوة فإنه لم يرد إلا نفي أنّه ملك كسائر الملوك عند المخاطب.

وقال الخفاجي أيضا على حديث ابن أبي هالة الذي فيه عليه السلام كان يقول:

أبلغوني حاحة من لا يستطيع إبلاغها، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبّت الله قدميه يوم القيامة (?) . قيل يريد إن أبلغ سلطانا حاجة جوزي بهذا، فكيف بمن يبلغه صلى الله عليه وسلم، وإلا فهو أجل من أن يكون ملكا أو سلطانا وقد قال: لست بملك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015