إذا جاء زيٌد، فأجيء مستقبٌل لعمله في إذا، فكذلك (ليحكم) لعمله في (يوم القيامة) إذ هو ظرف مستقبل. وأما قوله تعالى: {لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ} فلا يتعين أن يكون (ليحزنني) مستقبلًا، إذ يحتمل أن يكون في الكلام حذف مضاف، ويكون ذلك المضاف حالًا، فيكون (ليحزنني) حالًا، وتقدير: ليحزنني نيتكم أو قصدكم أن تذهبوا به، فالنية والقصد حال، وهو الفاعل بيحزن، فهو حال رفع ما هو حال، وفعل الحال لا يمتنع أن يعمل في المفعول المستقبل نحو: أنوي الآن أن أجيئك غدًا، ثم حذف المضاف، أقيم المضاف إليه مقامه، ولا يلزم من إعرابه فاعلًا في الصناعة أن لا يكون مفعولًا في المعنى بذلك المحذوف.
وقوله: ونفيه بليس وما/ [وإن] فمن النفي بليس والمراد الحال قول الشاعر"
فلست-وبيت الله-أرضى بمثلها ولكن من يمشي سيرضى بما ركب
وبـ"ما" قوله تعالى: {ومَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ}. وبـ"إن" {وإنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ}.
قال المصنف في الشرح: "والأكثرون على أن النفيس بليس وما وإن قرينٌة مخلصٌة للحال مانعة من إرادة الاستقبال، وليس ذلك بلازم، بل الأكثر أن يكون المنفي بها حالًا، ولا يمتنع كونه مستقبلًا، قال حسان يصف الزبير رضي الله عنهما: