ومما كتب به بعض الأدباء من حماة المحروسة لأخيه بمصر -حرسها الله- ما نصه: "كان جماعة من المحصلين بحماة شرعوا في بحث (تسهيل الفوائد)، فإنه كتاب لم ينسج على منواله، ولم تسمح قريحة بمثاله، غير أنه يصد الناس عنه كونه غير كامل الشرح، ولم يتقدم أحد من فضلاء هذه الصناعة إلى تكميله، فندبني بعض المشتغلين إلى الكتب إلى الإمام أثير الدين لالتماس تجريد نظره الكريم، إلى هذا المرام العظيم، والخطب الجسيم، الذي هو أولى ما صرفت إليه العنايات، واستغرقت في النظر فيه نفائس الأوقات، فإنه غرة في جبهة الزمان، وخال في خد نتائج الأذهان. فالأخ -حفظه الله- يعرفه بأن هذا مقام قد اعترف أبطال هذا الشأن بأنهم عنه في موقف التقصير:
لقد نادى لسان العجـ ـز في الجم الغفير
بأن لن يصلحوا طرا لذا الأمر الخطير
سوى الحبر الإمام الأو حد المولى الأثير
أبي حيان ذي الإحسا ن والفضل الغزير
فالأخ يقفه على هذه السطور، ويلتمس منه الإجابة إلى تكميل شرح الكتاب المذكور، ولو بمثل تفتح مقفله، وتسم مغفله. انتهى كلام هذ السائل، وما تلطف به من الوسائل.
فحين كثر تسألهم، وتعلقت بالإجابة آمالهم، أسعفتهم فيما طلبوا/، وانتدبت لما إليه رغبوا، هذا على حين توالي نوى غربة، وإقامة بدار غربة، وتفريق من الأوداء، وتفويق سهام الأعداء، والتباس