رِجْسٌ} لما ألزم أن يقول بتحليل شحم الخنزير، فقال: الضمير في (فإنه) عائد على الخنزير لأن أقرب مذكور، وإنما ذكر اللحم أولًا لأنه هو المعهود أكله لم يأكله لا على جهة حصر التحريم فيه، ثم دل قوله (فإنه رجسٌ) من حيث عاد الضمير على أقرب مذكورٍ على تحريمه كله بسائر ما يحتوي عليه. وقد نوزع في عود الضمير هنا على أقرب مذكور، ولسنا الآن لتحقيق ذلك وإمعان الكلام فيه.

وقوله: وهو - أي المُفسر - إما مُصرحٌ بلفظه مثاله: زيدٌ لقيته، والتصريح بلفظ المفسر هو غالبٌ على ضمير الغيبة.

وقوله: أو مستغنيً عنه بحضور مدلوله حسًا مثله المصنف بقوله تعالى {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي}، و {يَا أَبَتِ اسْتَاجِرْهُ}. وليس كما مثل به لأن هذين الضميرين عائدان على ما قبلهما، فالضمير في (قال) عائد على (يوسف)، والضمير في (هي) عائد على قوله {بِأَهْلِكَ سُوَءاً}، ولما كنت عن نفسها بقوله {بِأَهْلِكَ} ولم تقل "بي"، كنى هو عنها بضمير الغيبة في قوله: {هِيَ رَاوَدَتْنِي}، ولم يخاطبها بقوله "أنت راودتني"، ولا أشار أليها بقوله "هذه راودتنى". وكل هذا على سبيل الأدب في الألفاظ والاستحياء من الخطاب الذي لا يليق بالأنبياء، فأبرز الاسم في صورة الضمير الغائب تأدبًا مع الملك وحياءً منه. وكذلك أيضًا قوله {يَا أَبَتِ اسْتَاجِرْهُ} عائد على موسى، فمفسره مصرحٌ بلفظه، وكأن المصنف تخيل أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015