وما أصاحب من قومٍ فأذكرهم إلا يزيدهم حبًا إلى هم

فـ "هم" فاعل بـ "يزيد"، ولو اتصل لقال: إلا يزيدونهم. وهذا البيت في الحماسة صدره مخالفٌ لما أنشده المصنف، وهو:

لم ألق بعدهم حيًا فأخبرهم

قال المنصف: "وظن بعضهم أن هذا جائزٌ في غير الشعر؛ لأن قائله لو قال: يزيدونهم، فيجعل المتصل - وهو الواو - فاعلًا، والمنفصل توكيدًا، لصح. وهذا وهم لأن ذلك جمعٌ بين ضميرين متصلين، أحدهما فاعلٌ، والآخر مفعولٌ، لمسمًى واحد، وذلك لا يكون في غير فعل قلبي"/ انتهى كلامه.

وهذا الذي ظنه هذا الظان صحيحٌ، وما رد به المصنف فاسدٌ ووهمٌ منه؛ لأنه اعتقد أن الفاعل ب "يزيد" هو المفعول به، وليس كذلك، بل الفاعل ب "يزيد" هو عائد على قوله: "قوم"، أو على قوله: "حيًا" على ما ثبت في الحماسة، وقوله: "هم" المتصل ب "يزيد" عائد على من سبق ذكره في الشعر من الذين فارقهم، وهو قولهك

وحبذا حين تمسي الريح باردةً وادي أشيً وفتيانٌ به هضم

ثم مدحهم بعد هذا بستة أبيات، ثم قال: لم ألق بعدهم حيًا فأخبرهم. والشعر لزياد بن حمل بن سعيد بن عميرة بن حريثٍ العدوي، وبنو العدوية حيٌ من بني تميم، وكان قد أتى اليمن، فنزع إلى وطنه ببطن الرمث، وهو من بلاد تميم. فالمعنى: إلا يزيد الحي الملقيون المخبورون، أو القوم المصاحبون الذين ذكر أحبابه لأجل صحبتهم، أولئك المفارقين حبًا إلي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015