فإن قلت: لا يجوز "نقتلنا" لأنه يكون فيه تعدى فعل المضمر إلي مضمره المتصل، فالفصل هنا واجب لا ضرورة.
قلت: ليس علي ما زعمت، وذلك أنه إنما يكون فيه تعدى فعل المضمر إلي مضمره المتصل إذا جعلت المفعول هو الفعل المضمر في "نقتل"، فيكون المعني: يقتل كلنا كلنا، وليس المعني علي ذلك، وإنما يرد: يقتل بعضنا بعضا، فالأول ليس بالآخر، فليس فيه ما قلت، فالفصل ضرورة".
وقال الأساذ أبو الحسن بن خروف: ليس يريد في "نقتل إيانا" أنه محل المتصل، لكنه مما استغني فيه بالنفس عنهما، وقد ذكره بعد" انتهي.
فهذا نقل أصحابنا في المسألة، نقلوا فيها الخلاف بين س والزجاج، وردوا قاطبة علي الزجاج. والمصنف لم يذكر خلافا لا في الفص ولا في الشرح، وناهيك من إهمال خلاف بين سيبويه والزجاج. ومن نظر في كلام س علم أن انفصال الضمير في نحو: "إنما نقتل إيانا" لا يجوز إلا في الشعر دون الكلام، قال س: "هذا باب ما يجوز في الشعر من إيا ولا يجوز في الكلام، فمن ذلك قول حميد الارقط:
إليك حتي بلغت إياكا
وقال الآخر:
كأنا يوم قري إن ما نقتل إيانا
قتلنا منهم كل فتي أبيض حسانا"
فهذا واضح الدلالة علي أن "إيا" وقعت في الشعر موقعا لا يقع مثله في الكلام.