الزجاج: يمكن أن لا يكون هذا البيت - يعني قول حميد - من الضرورة، وذلك بأن تريد: بلغتك إياك، ثم حذف المفعول المؤكد بإياك.

وهذا غلط لأنه لا يخرجه ذلك عن الضرورة؛ لأنه لو كان علي ما قال لانبغي أن يجوز في الكلام: رأيت إياك، والعرب لم تقله أصلا في الكلام، بل التزمت أن لا تأتي بالضمير المنفصل بعد الفعل مع القدرة علي المتصل، فدل أنها لم تلحظ شيئا من هذا. وإنما لم تلحظه لأن حذف الشيء وتأكيده قصدان متناقضان، مع ما في هذا الذي قاله من التكلف. وأما بيت اللص فهو أقل ضرورة لأنه لا يمكنه أن يأتي بالمتصل فيقول نقتلنا؛ لأنه لا يتعدى الفعل الرافع للمضمر المتصل إلي ضميره المتصل أيضا، فلذلك حسن هنا وقوع الضمير المنفصل، لكن كان حقه أن يقول: نقتل أنفسنا، وستري هذا، فلا يخرج بذلك عن الضرورة.

وقال الزجاج: ليس هذا ضرورة، وإنما فصل هنا لأجل إنما، فحمل علي معني الكلام؛ إذ معناه: ما نقتل إلا / إيانا؛ إذ "إنما" تقتضي حصر القتل فيهم، كالنفي وإلا.

وهذا أيضا فاسد لأن الإمام أقعد بكلام العرب، فلو كان ما قال لانبغي أن يكثر ويرد في الكلام، وهو لم يرد إلا في الشعر، فدل ذلك علي أن العرب لم تحمله علي ما ذكر، وليس حمل الكلام علي ما هو في معناه بمطرد، بل تتبع فيه موارد السماع، ولو كان معمولا به في الكلام لما جعله س من ضرائر الشعر".

وقال أبو الفضل البطليوسي في قوله: "إنما نقتل إيانا": "الزجاج يري الفصل جائزا. وتقدم الرد عليه، فالصحيح أنه كان يقدر على: نقتلنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015