وقال بعض أصحابنا: عمرك الله بمعنى تعميرك، وفعل يأتي بمعنى التفعيل، قال:
فإن ينجو فلم أنفث عليه ... وإن يهلك فذلك كان قدري
أي: تقديري. ومعناه: سألتك بعمرك كما تسأل الله بعمره، فهو مصدر تشبيهي على حد: ضربتك ضرب زيد، فالمصدر مضاف إلى الفاعل، والجلالة مفعول، وكأنه قال: سؤالك الله بعمره، أي: ببقائه، فعمرتك متعد إلى واحد، فيكون عمرك الله كذلك.
فإذا قلت عمرتك الله فالكاف مفعولة، والجلالة منصوب بمصدر، كأنه قال:
عمرك الله، ويكون من حذف الموصول وإبقاء الصلة، ولا يجوز إلا في الشعر، هكذا يتنزل إعرابه، وهذا هو المعنى. وقد يكون ((عمرتك الله)) متعديا إلى اثنين، كأنه قال: سألت الله تعميرك مثل ما تسأل الله تعميرك، فيكون ((عمرك الله)) على هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون الكاف مضافا إليها على أنها فاعلة، وكأنك قلت: سؤالك الله عمرك، ويحذف المفعول الثاني.
والثاني: أن تكون الكاف مفعولة، وكأن المعنى: سؤالك الله نفسك، أي: حفظ نفسك، ثم قدمت نفسك، فاتصل، وكأنك قلت: تعميرك أنت الله.
وأما ((قعدك الله)) فمتعد إلى اثنين، والمعنى: سألت الله تقعيدك، أي حفظك، كما تسأل الله أنت حفظك، وفسر/ القعيد بالحفيظ؛ لأن اللغة نطقت بذلك، قال تعالى: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، القعيد: الحافظ. وهذا مذهب أبي علي الفارسي.