وقال بعض شيوخنا: "وأما إذا كانت كافة"، يعني ما إذا جاءت بعد رب، قال: «فإنها حينئذ تصير من الحروف الطالبة بالجمل الفعلية، فلا يقع بعدها إلا الفعل، ولا يكون إلا ماضيا، ولا يكون إلا مقدما، نحو: ربما قام زيد، وربما ضربت زيدا، ولا تقول: ربما عمرا ضربت إلا أن تأتي في الشعر، فيقصر على موضعه، ولا تجد من حروف الجر ما كف عم مجروره إلا رب وكاف التشبيه على أحد الوجهين في قوله: كن كما أنت. وأكثر ما يكون الكف في الحروف الداخلة على الجمل المؤثرة فيها».

وقال أيضا: "إلا أن العرب تدخلها على المضارع، فيصير ماضيا" انتهى.

وقال الشاعر:

ربما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات

وتلخص من كلام أشياخنا أن رب إذا كفت بـ"ما" فلا تليها الجملة الاسمية، بل الفعلية المصدرة بماض أو مضارع في معنى الماضي. ومن أجاز أن تدخل رب على ما يكون العامل فيها مستقبلا لم يحتج إلى تأويل في قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدّ}

ومن خصه بالماضي- وهم أكثر النحويين- قالوا: لا تخرجها (ما) عن المضي، كما لم يخرج "لم" إلحاق (ما) الزائد عن الدخول على لفظ المضارع، تقول: لم تقم، ثم تقول: لما تقم، وتأول الآية على أنها حكاية حال تكون، وساغ دخول ربما على يود لصدق الوعد وقرب الدنيا من الآخرة من حيث لا فصل بينهما، فجعل لذلك ودهم بمنزلة الماضي الواقع.

والكوفيون يجعلون ذلك على إضمار كان، أي: ربما كان يود. وبه قال أبو بكر. ولا يجوز ذلك على مذهب س.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015