ولم يذكر أصحابنا أنها تكون للتعليل، وكأن التعليل والسبب عندهم شيء واحد، ويدل على ذلك أن المعنى الذي سمى المصنف به باء السبب هو موجود في باء التعليل؛ ألا ترى أنه يصلح أن ينسب الفعل لما دخلت عليه باء التعليل كما يصح ذلك في باء السبب؛ ألا ترى أنه يصح: ظلم أنفسكم اتخاذكم العجل، وحرم على اليهود طيبات ظلمهم.
وأما قوله تعالى (يَاتَمِرُونَ بِكَ) فليست باء التعليل، بل التعليل هو قوله: (لِيَقْتُلُوكَ)، والباء ظرفية، أي: يأتمرون فيك، أي: يتشاورون في أمرك لأجل القتل، ولا يكون للائتمار علتان.
وأما قوله "يموت بموته" فلا شك أن الباء هنا لسبب، ويعكر على ما قعد المصنف من أن هذه الباء يصح أن ينسب الفعل إلى ما دخلت عليه مجازاً؛ لأنه لا يصح ذلك هنا.
وقوله وللمصاحبة قال المصنف في الشرح: "هي التي تحسن في موضعها (مع)، وتغني عنها وعن مصحوبها الحال، كقوله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ)، أي: مع الحق، ومحقاً، وكقوله: (اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا)، أي: مع سلام، ومسلماً. ولمساواة هذه الباء (مع) قد يعبر س عن المفعول معه بالمفعول به" انتهى. وهذا المعنى قد ذكره أصحابنا، وهو أحد الستة المعاني التي تنجر مع الإلصاق.
وقوله وللظرفية هي التي تحسن مكانها "في"، كقوله تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ)، (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا)، (نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ). وهذا أحد المعاني الستة التي تنجز مع الإلصاق.