و (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ)، فلو قصد إسناد الإخراج إلى الهاء من قوله (فَأَخْرَجَ بِهِ)، وإسناد الإرهاب إلى الهاء من قوله (تُرْهِبُونَ بِهِ)، فقيل: أنزل ما أخرج من الثمرات رزقاً، وما استطعتم من قوة ترهب عدو الله - لصح وحسن، لكنه مجاز، والآخر حقيقة. ومنه: كتبت بالقلم، وقطعت بالسكين، فإنه يصح أن يقال: كتب القلم، وقطع السكين.
والنحويون يعبرون عن هذه الباء بباء الاستعانة. وآثرت على ذلك التعبير بالسببية من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله تعالى، فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة فيها لا يجوز" انتهى.
وقال أصحابنا: هي الباء التي تدخل على سبب الفعل، وهو أحد المعاني الست التي تنجر مع الإلصاق، قالوا: نحو عنفت زيداً بذنبه، فالتعنيف اتصل بزيد بسبب ذنبه، ومنه قول لبيد:
غلبت تشذر بالذحول، كأنها ... جن البدي رواسياً أقدامها
أي: تشذر بسبب الذحول.
قال بعض شيوخنا: ذكر القتيبي أن الباء تكون بمعنى: من أجل، وأنشد بيت لبيد. قال: والإلصاق لا يفارقها؛ لأنها إذا تشذرت - أي: تصعبت - بسبب الذحول فبلا شك أن الذحول هيجها، وجعلها تشذر، فقد صارت الباء هنا بمنزلتها في: تحركت بكذا، وسكنت بكلامك، فكما لا خفاء في هذا أن الإلصاق بها كذلك في البيت.