وزعم لكذة - ويقال لغذة - الأصبهاني - واسمه [الحسن بن عبد الله أبو علي]- أن "من" في قول الهذلي:

فما العمران من رجلي عدي ... وما العمران من رجلي فئام

زائدة، وأن هذا لا يجوز، وأنه منحول، وليس من شعر الهذلي. قال: لأنه لا يقال: ما زيد من رجل الحرب، ولا: ما زيد من رجلي الحرب. وعلة منعه لذلك اعتقاده أن من زائدة في خبر المبتدأ/ إن كانت "ما" تميمية، أو في خبر "ما" إن كانت حجازية، و"من" لا تزاد في الخبر.

وما ذهب إليه في البيت لكذة غير صحيح؛ لأنه بناه على أن "ما" نافية، وهو خلاف ما قصد الشاعر؛ لأنه قصد المدح، فكيف تكون نافية؟ فيصير إذ ذاك هجواً، وإنما "ما" هنا استفهامية، معناها التعجب والتعظيم والتفخيم للشأن، كقولك: عبد الله ما عبد الله، تريد: أي رجل عبد الله، وكذلك أراد الشاعر: أي رجلي عدي، وأي رجلي فئام العمران، و"من" هنا نظيرتها في قول الشاعر:

يا سيداً، ما أنت من سيد ... موطأ الرحل، رحيب الذراع

فـ"من" داخلة على التمييز؛ إذ يجوز: يا فارساً ما أنت فارساً، و"عدي" في بيت الهذلي في معنى العداة، كما قال الشنفي:

له وفضة، فيها ثلاثون سيحفا ... إذا ما رأت أولى العدي اقشعرت

وزعم بعض النحويين أن "من" إذا دخلت على قبل وبعد تكون زائدة، وزعم أن المعنى بسقوطها وثبوتها واحد. وليس كما زعم، بل المعنى مختلف، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015