وأما مذ في: ما رأيته مذ يومين، ونحوه - فقد جعلها بعضهم بمعنى في وليس كذلك؛ لأن المراد بما رأيته مذ يومين ونحوه نفي الرؤية في مدة أنت في آخرها، والابتداء والانتهاء مقصودان، واليومان معينان. ولو جيء بـ (في) مكان مذ لم يفهم تعين ولا ابتداء ولا انتهاء.
وقد تقع من موقع مذ في مثل هذا، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة، رضي الله عنها: (هذا أول طعام أكله أبوك من ثلاثة أيام)، فلو كان المجرور بمذ أو منذ حاضراً غير مثنى ولا مجموع صح قصد معنى في، كقوله - عليه السلام - للملكين: (طوفتماني مذ الليلة). انتهى.
وقد تقدم مذهب س ومذهب المبرد ومن تبعه في "من" التي تكون مع أفعل التفضيل. وما رد به المصنف على س هو قول ابن ولاد. وقد رد على ابن ولاد بأنه لا يلزم من ذكر الابتداء ذكر الانتهاء، فقد لا تذكره، إما لكونك لا تعلم إلى أين انتهى، وإما لكونك لا تريد أن تخبر به، نحو: خرج زيد من البصرة، وكذلك: زيد أفضل من عمرو، يكون الابتداء معلوماً والانتهاء مجهولاً، ويكون ذلك أمدح في حق المفضل؛ إذ لا يقف السامع على محل الانتهاء.
وقال المصنف في الشرح أيضاً: "وأشار أيضاً - يعني س - إلى قصد التبعيض بالمصاحبة أفعل التفضيل، فقال في: هو أفضل من زيد: (فضله على بعض، ولم يعم).