الانتهاء، وإنما يحتاج إليه حرف لا يستغرق الوقت نحو من، فلابد من دخول من على الزمان في هذا الموضع.
ومثال دخولها لابتداء الغاية في غير المكان والزمان: قرأت من أول سورة البقرة إلى آخرها، وأعطيت الفقراء من درهم إلى دينار، وتقول إذا كتبت كتاباً: من فلان إلى فلان، وفي الحديث: (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم).
واختلف النحويون في "من" بعد أفعل التفضيل، نحو: زيد أفضل من عمرو: فذهب س إلى أنها لابتداء الغاية، ولا تخلو من التبعيض. وذهب المبرد والأخفش الصغير إلى أنها لابتداء الغاية، ولا تفيد معنى التبعيض. وصححه بعض أصحابنا. ومنع ابن ولاد في رده على المبرد أن تكون من لابتداء الغاية، واستدل على ذلك بأن ابتداء الغاية لا يكون إلا بأن يكون لها انتهاء، كقولك: خرجت من الكوفة إلى البصرة، ولا يجوز: زيد أفضل منك إلى جعفر.
وزعم س أن من تكون غاية، فقال: "تقول: رأيته من ذلك الموضع، تجعله غاية رؤيتك كما جعلته غاية حيث أردت الابتداء"، يريد أن من هنا دخلت على المحل الذي وقع فيه ابتداء الرؤية وانتهاؤها، ولذلك سماه غاية لما كان محيطاً بغاية الفعل؛ لأن الغاية هي مدى الشيء، أي: قدره، فيمكن أن يكون في: زيد أفضل من عمرو كذلك، أي: ابتدأ التفضيل منه، وانتهى به.