وذهب أبو القاسم خلف بن فرتون الشنتريني - عرف بابن الأبرش - إلى أن الفاعل منوي إلى جنب المصدر، والتقدير: أو إطعام إنسان، ودل عليه ذكر الإنسان قبله. قال: "ولا يجوز أن يقال: إن الفاعل مضمر؛ لأن المصدر لا يضمر فيه؛ لأنه بمنزلة أسماء الأجناس.

فإن قيل: إذا كان بمنزلة أسماء الأجناس فكيف يعمل عمل الفعل؟

فالجواب: أنه عمل عمل الفعل لوجود لفظ الفعل فيه؛ ألا ترى أنه إذا أضمر بطل عمله، ولا يجوز أن يقال: محذوف؛ لأن الفاعل لا يحذف" انتهى كلامه.

وذكرت هذا لشيخنا الأستاذ أبي الحسن بن الضائع، فقال: عجبت من ركوب الفرس، الفاعل هنا ليس منويا، ولا يدل عليه ذكر شيء قبله، بل هو هنا محذوف ولابد.

وذهب السيرافي إلى أنه يجوز ألا يقدر فاعل، بل ينتصب المفعول بالمصدر كما ينتصب التمييز في عشرين درهماً من غير أن تقدر فاعلاً.

ثم اعترض على نفسه، فقال:

فإن قلت: فإذا نصبت يتيماً ولم تقدر فاعلاً في إطعام فقد جعلته تمييزاً.

فالجواب: أنا - وإن نصبناه من غير أن نقدر فاعلاً - فإنما ينتصب تشبيهاً بالمفعول الذي ينصبه الفعل، ولا يلزم من ناصبه أن يكون مثل الفعل في جميع أحكامه، تقول: عجبت من إطعام زيد عمراً، فتنصب عمراً بإطعام، وتقيم زيداً مقام التنوين، وهو مجرور، ولا تقدر فاعلاً غير زيد، فقد بطل في المصدر لفظ الفاعل الذي هو مرفوع في الفعل لا محالة، ولم يكن المصدر بمنزلة الفعل في هذه الحال، فكذلك ما ذكرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015