كان مضمراً متصلاً، ثم حمل الظاهر والضمير المنفصل في امتناع الحذف على المضمر المتصل، فلما كان المصدر لا يتصل به ضمير فاعل لم تكن نسبة فاعلة منه نسبة الجزء من الكلمة فيمتنع حذفه لم يحمل الظاهر والضمير المتصل في امتناع الحذف عليه.
وقد علل المصنف في الشرح كونه لا يذكر معه بل يحذف بخلاف الفعل، وأبدى فرقاً بين الفعل وما أشبهه وبينه بأن الفعل لو ذكر دون مرفوع لكان حديثاً عن غير محدث عنه، وليس كذلك المصدر؛ لأنه إذا عمل الفعل المنسوب إليه بإجماع لم يكن إلا في موضع غير صالح للفعل، فجرى مجرى الأسماء الجامدة في عدم تحمل الضمير، وجاز أن يرفع ظاهراً لكونه أصلاً لما لا يستغني عن مرفوع. انتهى.
ولا يلزم من حذف الفاعل مع الفعل أن يكون حديثاً عن غير محدث عنه؛ لأن المحذوف كالملفوظ به الموجود.
وذهب قوم إلى أن الفاعل مضمر في المصدر، وأن المصدر يتحمل الضمير كما يتحمله اسم الفاعل والصفة المشبهة والظرف؛ لأنه يعمل في الظاهر، فيعمل في المضمر. ونسب ذلك بعض أصحابنا إلى الكوفيين.
قال ابن هشام: "وأهل البصرة متفقون على أن لا إضمار، وأهل الكوفة يضمرون الفاعل، ويقولون: لابد من ذلك؛ لأنه كاسم الفاعل والصفة المشبهة والفعل ما عمل في الظاهر رفعاً، فلابد له أن يرفع ظاهراً أو مضمراً، إلا من رأى منهم أنه لا يعمل.
/وحجة البصريين أنه قد يضاف إلى فاعله، فمحال أن يرفع حينئذ، فقد خرج بهذا عن الفعل وعن كل ما أشبهه، والصفة حين أضيفت لفاعلها تخلصت للموصوف، ورفعت ضميرها، وليس المصدر كذلك" انتهى.