الثقيلة. وإذا ثبت أن عمل المصدر غير مشروط بتقدير حرف مصدري أمكن الاستغناء عن إضمار في نحو: له صوت صوت حمار" انتهى.
والذي تقرر عند أصحابنا أن شرط عمل هذا المصدر أن يقدر بحرف مصدري والفعل، فقدر الحرف س بـ"أن" الثقيلة المسندة إلى ضمير الشأن؛ لأنه يعم أن تكون الصلة ماضية وحالاً ومستقبلة، فتقدر في الماضي: من أنه ضرب زيد عمراً، وفي المضارع: من أنه يضرب؛ لأنه يصلح للحال والاستقبال.
وقدره بعضهم بـ"أن" الناصبة للفعل؛ لأن صلتها تكون بالماضي، نحو: عجبت من أن قام زيد، وبالمضارع فتخلصه للاستقبال، نحو: عجبت من أن يقوم زيد. وبـ"ما"؛ لأنها تصلح للحال، وتوصل به، نحو: عجبت مما تضرب زيداً.
وأما ما زعم أنه لا يتقدر بحرف مصدري فليس كما زعم، بل كلها تتقدر بحرف مصدري والفعل؛ لأن قوله: سمع أذني زيداً يقول ذلك، و"عهدي بها الحي الجميع"، و"رأي عيني الفتى" - من باب: ضربي زيداً قائماً، وهو يتقدر بحرف مصدري والفعل كما يتقدر: ضربي زيداً قائماً. وكذلك "إن استغفاري" و"لا رغبة" /أي: إن أن أستغفرك، ولا أن أرغب. وكذلك: متى ظنك؟ أي: متى أن تظن.
وفي البسيط: "اختلفوا في تقدير الفعل: هل من شرطه تقديره بالحروف السابكة أو ليس من شرطه ذلك؟ فمنهم من يقدر نفس الفعل. ومنهم من يقدره بأن. ومن لم يقدره قال: إنما نقدره حيث يكون المصدر مطلوباً لشيء متقدم؛ لأنه حينئذ إذا نزل منزلة الفعل - والفعل لا يكون معمولاً للأول - يكون مقدراً بأن، وإذا إذا ابتدئ فلا يحتاج إليه. قيل: وهذا أصح للقياس والسماع:
أما القياس فمن حيث إن الفعل إذا قدر بـ"أن" كان معناه المصدر، فلم يقع المصدر موقع الفعل، وإنما وقع موقع نفسه.