يقولون: ارْتَحِلْ قَتِّلْ قُرَيشًا ... وهُمْ مُتَكَنَّفُو البيتَ الَحراما
بنصب الأنفس والبيت، والأمثلةُ الخمسة حكمُها في ذلك كاسم الفاعل.
وظاهر كلام س يدلُّ على أنَّ النصب أَولى من الجرّ، وقال الكسائي: «هما سواء». والذي يظهر لي أنَّ الجر بالإضافة أَولى؛ لأنَّ الأصل في الأسماء إذا تعلق
أحدهما بالآخر الإضافة، والعمل إنما كان بجهة الشَّبَه للمضارع، فالحملُ على الأصل أَولى، وهو الإضافة.
واحتراز بقوله متصلاً من ألاَّ يتصل المفعول باسم الفاعل، فانه إذ ذاك ينتصب لا غير، كقوله {إنى جاعل في الأرض خليفة}.
ومثالُ ما كان ضميرًا متصلاً قولك: زيدٌ مُكرمُك، وهذان مُكرماك، وهؤلاء مُكرِمُوك. ويعني باتصاله أن يتصل باسم الفاعل، فإن لم يتصل فالنصب، نحو قوله:
لا تَرْجُ أو تَخْشَ غيرَ اللهِ، إنَّ أَذًى ... واقِيكَهُ ... الله ... لا يَنْفَكُّ ... مَأمُونا
فالهاء في «واقيكَهُ» ضمير لم يتصل باسم الفاعل، فهي في موضع نصب لا غير. وما ذكرناه من أنه تجب الإضافة إذا كان ضميرًا متصلاً باسم الفاعل هو مذهب س والمحققين.
وذهب الأخفش وهشام إلى أنَّ الضمير في موضع نصب، وأنَّ التنوين والنون حُذفا لِلَطافة الضمير. قالا: وموجب النصب المفعوليَّة، وهي محقَّقة، وموجب الجر الإضافة، وهي غير محقَّقة؛ إذ لا دليل عليها إلا حذف التنوين