أحدهما: أن يُفرق بين باب ظننتُ، فينصب باسم الفاعل لعدم جواز الاقتصار، وبين باب أعطيت، فينصب فيه بإضمار فعل لجواز الاقتصار.
الثاني: أن يُدَّعى أنَّ العرب لا تقول: هذا ظانُّ زيدٍ شاخصًا أمسِ، وإنما تقول: هذا الظانُّ زيدًا /شاخصًا أمسِ؛ لأنَّ شاخصًا يتعذر أن يُنصب بظانّ؛ لأنه بمعنى الماضي، واسمُ الفاعل بمعنى الماضي لا يعمل، ويتعذر أن يُنصب بإضمارِ فعلٍ لِما فيه من الاقتصار حيث لا يُقتصر» انتهى، وفيه بعض تلخيص.
وقال أبو عبد الله بن هشام الخضراوي: «انقطاع أبي عليَّ لأنَّ الفعل متصرف متعدِّ إلى اثنين، فيقاسه أن يجوز كسائر الأفعال المتصرفة، ولو رَكب أصله فقال: هذه المسألة لا تجوز لهذا الذي ذكرته، لم يُثبت فسادَ قوله إلا سَماعُها، وقد بحثتُ عن هذه المسألة، فما رأيتُ أحدًا حكاها مسموعة».
وفي «الإفصاح»: ويتخلص أبو علي بعد إجازة هذه المسألة لوجه قاله الناس، وشيخه ممن خالف فيه، وهو أنَّ ما حُذف واستُغنِي عنه لمفسَّر يُفَسِّره إنما يُقَدَّر للاحتياج إليه وإصلاحًا للَّفظ لا لعمل يعمل فيه طالبه من جهة المعنى؛ نحو ما يجوز في الشعر من قوله: كي زيدٌ يقومَ، وقوله:
................................. ... أينما ... الريحُ ... تُمَيِّلْها ... تَمِلْ
فـ «زيدٌ» يرتفع عندهم بالفعل المقدَّر، وذلك الفعل غير منصوب بـ «كي»، وكذلك «الريحُ» مرفوعة بـ «تَميل» مقدرة، وهي غير مجزومة، والمنصوب الفعل الظاهر. وكذلك قوله: زيدٌ الخبزَ آكلُه، إذا نُصب الخبز بآكِل مضمرة لا يكون ذلك المضمر خبرًا لزيدٍ ولا مرفوعًا به، وهذا الظاهر هو الخبر المرفوع بالمبتدأ.
وكذلك: هذا مُعطي زيدٍ، وظانُّ زيد، قد عُلم مفعولهما، ولا يجوز ظهورهما في اللفظ لإغناء المذكور عنهما، ولا يُقَدَّر فيهما عمل كما تقدَّم، فإذا لم يُقَدَّر في محذوف ظانّ عمل، وكان في حكم الموجود ــــ لم يلزم فيه إجازته.