وبينها بـ «الكحل» الذي هو مبتدأ أو خبر. وسبيله أن يكون مؤخَّرًا عن الجميع أو مقدَّما، فإنْ أخَّرته فالهاء في (منه) للكحل، وقد قدَّمته على الكحل، ولا يجوز إن كان خبرًا لتقدُّمه لفظًا ومعنى، ويجوز إن كان مبتدأ، ويمتنع للفصل بين (أَحسَنَ) وبين (في عين)، فلمَّا كان رفع (أَحسَنَ) مع التقديم يؤدي إلى ما لا يجوز امتنع، ولزم حمله على الصفة، ولهذا قال جماعة من النحويين: إنَّ الإتباع هنا للموصوف ضروريّ ورفع الكحل به. فإن أرادوا ذلك والمسألةُ على ما هي عليه فصحيح، وإن أطلقوا فباطل، لا يمتنع تأخير الكحل مبتدأ وأَحسَنُ خبره، فتقول: أَحسَنُ منه في عينِ زيدٍ الكحلُ، كأنك قلت: برجلٍ الكحلُ أَحسَنُ في عينه منه في عينِ زيدٍ، فلم تَفصل هنا، ولم تقدَّم ضميرًا على متأخر في اللفظ والتقدير، وقد ذكر هذا أبو العباس. وإنما منعها س على جهة الابتداء والخبر على ما هي عليه كما سمعها من العرب.

وفي «البسيط»: أصل هذه المسألة أنَّ التفضيل إن كان للشيء الواحد على نفسه فيكون باختلاف صفاته وأحواله؛ والصفات تكون أحوالاً وغير أحوال، وبالجملة فيؤخذ من حيث هو فاضلٌ بأمر لا يؤخذ به من حيث هو مفضول، وذلك إمَّا بزمان أو مكان أو حال أو شرط، فتقول: الصومُ في أيام ذي الحجَّة أَحَبُّ إلى الله منه في شَوَّال، وزيدٌ في داره أَحسَنُ منه في السوق، ومثله: الكحلُ في عينِ زيدٍ أَحسَنُ منه في عينِ عمرٍو، وهي أصل المسألة، ويجوز: الكحلُ في عينِ عمرٍو أحسَنُ منه الكحلُ في عينِ زيدٍ، وكلُّ ذلك لا مانع فيه من الابتداء والخبر. ويجوز في أصل المسألة: زيدٌ الكحلُ في عينه أَحسَنُ منه في عينِ عمرٍو، وكان أيضًا على الابتداء. فإذا قلت: زيدٌ أَحسَنُ في عينه الكحلُ منه في عينِ عمرٍو، امتنع هنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015