قال المصنف في الشرح: «والسبب في رفع أَفْعَلِ التفضيلِ الظاهرَ في هذه الأمثلة ونحوها تَهَيُّؤه بالقرائن التي قارنَتْه لمعاقبةِ الفعلِ إيَّاه على وجهٍ لا يكون بدونها؛ ألا ترى أنَّ قولك: ما رأيتُ أحدًا أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيدٍ، لو قلت بدله: ما رأيتُ أحدًا يَحسُن في عينه الكحلُ كحُسِنِه في عينِ زيدٍ ــــ لكان المعنى واحدًا، بخلاف قولك في الإثبات: رأيتُ رجلاً أَحسَنَ في عينه الكحلُ منه في عينِ زيدٍ، فإنَّ إيقاع الفعل فيه موقع أَفْعَلَ يغيِّر المعنى» انتهى.
وهذه خطابة، وليس معنى أَحْسَنَ يَحسُنُ، بل معناه: يَزيد حُسنُ الكحلِ في عينه على حُسنه في عين زيد، وعلى تقديره بـ «يَحسُن» لا يغيّر المعنى إلا من حيث إنَّ الإيجاب يغاير النفي، ولو جاء ذلك في الإثبات لكان صحيح المعنى، والتقدير:
رأيتُ رجلاً يَحسُن الكحلُ في عينه كحسنه في عينِ زيد، وهذا معنَّى صحيح لا ينكره عاقل.
وقال المصنف في الشرح: «فكان رفع أَفْعَلَ للظاهر لوقوعه موقعًا صالحًا للفعل على وجه لا يغيِّر المعنى بمنْزلة إعمال اسم الفاعل الماضي معنًى إذا وُصل بالألف واللام؛ فإنه كان ممنوع العمل لعدم شبهه بالفعل الذي في معناه، فلمَّا وقع صلة قُدِّر بفعل وفاعل ليكون جملة؛ فإنَّ المفرد لا يُوصَل به موصول، فانجبرَ بوقوعه موقع الفعل ما كان فائتًا من الشبه، فأُعطي العمل بعد أن مُنعه، فكذلك أَفْعَلُ الواقع المشار إليه، حدث له بالقرائن التي قارنته فيه معاقبتُه للفعل على وجه لم يكن بدونها، فرفعَ الفاعلَ الظاهر بعد أن كان لا يرفعه.
وأيضًا فإنه حدثَ له في الموقع المشار إليه معنًى زائدٌ على التفضيل، وذلك أنك إذا قلت: ما الكحلُ في عين زيد أحسن منه في عين عمرو، لم يكن فيه تعرض