وقال المصنف في الشرح: «وقد يُستَغنَى عن تقدير مضاف في: ما رأيتُ أحدًا أحسنَ في عينه الكحلُ مِن زيدٍ، بأن يقال: إنَّ تقديره: ما رأيتُ رجلاً أحسنَ بالكحلِ مِن زيدٍ. فأدخلوا مِنْ على زيد مع ارتفاع الكحل على حدِّ إدخالها عليه مع جَرِّه لأنَّ المعنى واحد. /وهذا وجه حَسَنٌ لا تَكَلُّفَ فيه، وله نظائر يُلحظ فيها المعنى، ويُرَتَّب الحكم عليه مع تناسي اللفظ. ومن نظائره قوله تعالى {أولم أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقدر}، فدخلت الباء على خير أنَّ لتقدُّم {أولم يروا} ... وجعلها الكلام بمعنى: أَوَليسَ الذي خلقَ السموات والأرضَ بقادرٍ. وعلى هذا التقرير يقدَّر: ما رأيتُ كَذبةً أَكثَرَ عليها شاهدٌ مِن كَذبةِ أميرٍ على منبرٍ. وكذلك ما أشبه ذلك حيث ما ورد» انتهى.

وينبغي ألا يجوز هذا الوجه الذي أجازه؛ لأنه ليس نظير ما مثَّل به؛ لأنَّ الباء في {بقدر} زائدة؛ لأنه خبر أنَّ، وليس بموضع زيادتها، ولكنه لمَّا انسحب النفي المقدم زيدت، ولا يقاس على زيادتها ما ليس بزائد؛ ألا ترى أنَّ الباء في تقدير ما رأيتُ رجلاً أَحسَنَ بالكحلِ ليست بزائدة، وهذا التقدير تركيب آخر من حيث اللفظ ومن حيث المعنى، أمَّا من حيث اللفظ فظاهر، وأمَّا من حيث المعنى فلأنه في قولك ما رأيتُ رجلاً أحسَنَ في عينه الكحلُ مِن زيدٍ المحكومُ عليه بالأَحسَنيَّة هو الكحل باعتبار محلَّيه، وأمَّا في التقدير فالمحكوم عليه بالأحسَنيَّة هو الرجل إذا حَسُنَ مسندًا إلى ضميره، وبالكحل فضله تُبين مِن أيِّ جهة حَسُنَ. ويحتمل أن تتعلق الباء بأحسن، وتكون الباء سببيَّة. ويحتمل أن تكون للحال، فوضح قُبح هذا الوجه الذي ذكره المصنف لا حُسنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015