وسيأتي تقرير ذلك والحجة لهذا المذهب وعلته في باب الإضافة إن شاء الله. وإلى أنَّ الإضافة على معنى «مِن» ذهب الكوفيون.
وقوله ولا يَتَعَيَّنُ الثاني، خلافًا لابن السرَّاج أي: يُستعمل استعمال العاري، فيبقى مفردًا مذكرًا، ولا يطابق ما قبله.
ورُدَّ على ابن السراج بالسماع والقياس، قال تعالى: {ولتجدنهم أحرص الناس على حيوة ومن الذين أشركوا}، وقال تعالى: {وكذلك جعلنا في كل قريه أكبر مجرميها}، فأفرد (أَحْرَصَ)، وجمع (أكابِر)، وفي الحديث (ألا أُخبرُكم بأَحِّبكُم إلي وأَقرَبكُم مِنَّي مَجالسَ يومَ القيامة؟ أَحاسنُكُم أخلاقًا، المُوَطَّؤون أكنافًا، الذين يألَفون ويُؤلَفون)، فأَفردَ «بأَحَبِّكم» و «أَقرَبكم»، وجمع «أَحاسنكم».
وأمَّا القياس فشَبَهُه بذي الألف واللام أقوى من شَبَهِه بالعاري من حيثُ اشتراكُهما في أنَّ كلاَّ منهما معرفة؛ فإجراؤه مُجراه في المطابقة أَولى من إجرائه في الإفراد والتذكير مُجرى العاري؛ فإذا لم يُعطَ الاختصاص بجريانه مَجراه فلا أقَلَّ مِن أن يُشارك، وإلا لَزِمَ
ترجيح أضعف الشَّبَهين أو ترجيح أحد المتساويين دون مرجِّح.
وزعم أبو منصور الجواليقي أنَّ الأفصح من الوجهين المطابقة، فردَّ على ثعلب /في قوله: «فاخترنا أَفْصَحَهُنَّ». وقال: «كان الأولى أن يقول: فاخترنا فُصحاهُنَّ؛ لأنه الأَفصح، كما شَرَطَ في الكتاب».