فِعْلَه). ثم قال: (كما استُغنِي بتَرَكْتُ عن وَدَعْتُ، وكما استُغنِي بِنسْوة عن أن يجمعوا المرأة على لفظها، وذلك في الجواب؛ ألا ترى أنك لا تقول: ما أَجْوَبَه! وإنما يقولون: ما أَجْوَدَ جوابَه!). ثم قال: (وكذلك لا تقول: أَجْوِبْ به! وإنما تقول: أَجْودْ بِجَوابه! ولا يقولون في قالَ يَقيل: ما أَقْيَلَه! استَغنَوا بما أكَثَرَ قائلَتَه!
وما أَنْوَمَه في ساعة كذا! كما قالوا تَركتُ، ولم يقولوا وَدَعتُ) هذا نصبُّه. فجعل استغناءهم عن ما أَجْوَبَه بما أَجْوَدَ جوابَه! مساويًا لا ستغنائهم عن وَدَعتُ ماضي يَدَعُ بتَرَكتُ، / وعن ما أَقْيَلَه بما أَكثَرَ قائلتَه! مع العلم بأنَّ عُدولهم عن وَدَعَ إلى تَرَكَ، وعن ما أَقْيَلَه إلى أن يكون ما أَجْوَبَه موافقًا للقياس، وهذا بِّين، والاعتراف بصحته متعّين. وإنما استحقَّ أَفْعَلَ مساواةَ الثلاثيِّ المحض في هذا الاستعمال دون غيره من أمثلة المزيد فيه لشبهه به لفظًا، ولكثرة موافقته له معنًى:
أمَّا شبهه به لفظًا فمِن قِبَلِ أنَّ مضارعه واسم فاعله واسم زمانه واسم مكانه كمضارع الثلاثي واسم فاعله وزمانه ومكانه في عدة الحروف والحركات وسكون الثاني؛ بخلاف غيره من المزيد فيه.
وأمَّا الموافقة في المعنى فكثيرة: فمن موافقته لِفَعَلَ سَرى وأَسرى، وطَلَعَ على القوم وأَطلَعَ، أي: أَشرَفَ، وطَفَلَتِ الشمسُ وأَطفَلَتْ، أي: دَنَتْ للغروب، وعَتَمَ الليلُ وأَعتَمَ، أي: أَظلَمَ، وعَكَلَ الأمرُ وأَعْكَلَ، أي: أَشْكَلَ.
ومن موافقته لفَعلَ غَطشَ الليلُ وأَغطَشَ، أي: أَظلَمَ، وعَوزَ الشيءُ وأَعْوَزَ،
أي: تَعَذَّرَ، وكذلك الرجل إذا افتَقَرَ، وعَدِمَ الشيءَ وأعدَمَه، أي: فَقَدَه، وعَبِسَتِ الإبلُ وأَعْبسَتْ، أي: دَنِسَتْ أدبارُها.