وقال صاحب «البسيط»: «أمَّا كان وأخواتها مما كان ثلاثَّيا أو غير ثلاثي فالأكثرون يمنعون فيها التعجب، فلا تقول: ما أَكْوَنَ زيدًا قائمًا! لوجوه: أحدها أنها ليست بقويَّة في الفعلية، بل هي لمجرد الزمان، ولا تدل على المصدر. وقيل: إن تُعُجِّبَ منها فإمَّا للمصدر أو للزمان، ولا يصحّ، أمَّا الأول فلأنها لا مصدر لها، وأمَّا الزمان فلا يُتعجَّب منه؛ لأنه لا فعل له، وليس كان فعلَه. وقيل: إن تُعُجِّبَ فلا بُدَّ من رده إلى فَعُلَ، فيُقتصر على أحد الجزأين، /ولا يكون، لا يقال: يؤتى بالخبر كما يؤتى بالخبر كما يؤتى بالمفعول، فتقول: ما أَضْرَبَ زيدًا لعمروٍ؛ لأنَّ اللام لا تدخل على الخبر، لا تقول: ما أَكْوَنَ زيدًا لقائم! وكذلك أخواتها. وأمَّا الفراء فجوَّز ذلك ـــ أعني بناءها للتعجب ــ حملاً على: ضربَ زيدٌ عمرًا؛ ولا يكون لما ذكرنا» انتهى.
وفي الكتاب الذي انتخبه أبو مروان عبيد الله بن عمر بن هشام الحضرمي: ما أَكْوَنَ زيدًا قائمًا! عند الفراء جائز، ولم يُجزه أكثر النحويين، وهو الصحيح؛ لأنها موضوعة للزمان مجردة من معنى الحدث، ولا فائدة في التعجب بها، فلذلك امتنع أَفْعَلَ منها.
وأمَّا كونه مُثْبَتًا فاحتراز من أن يكون منفيَّا؛ لأنه لا يُتَعَجَّب منه؛ لأنَّ فِعل التعجب هو مُثَبت، فمحال أن يُبنى من المنفيّ. وقال المصنف في الشرح: «وقُيِّدَ بكونه مُثبتًا تنبيهًا على أنه لا يُبنى من فعلٍ مقصودٍ نفيُه لزومًا، كـ (لم يَعِجْ)، أو جوازًا، كـ (لم يَعُجْ)» انتهى. ويعني أنَّ عاجَ يَعيج ـــ بمعنى انتفعَ ــــ لم تستعمله العرب إلا منفيَّا، وعاجَ يَعوج ــــ بمعنى مالَ ــــ استعملته العرب مثبتًا ومنفيَّا. وقد ذكر ثعلب في «الفصيح» قوله: «وشَربتُ دَواءً فما عجْتُ به، أي: ما انتَفَعتُ به».