وقال أيضًا: «قُيِّدَ ما يُبنَى منه فِعلُ التعجب بكونه فعلاً تنبيهًا على خطأ من يقول من الكلب: ما أَكْلَبَه! ومن الحمار: ما أَحْمَرَه! ومن الجلْف: ما أَجْلَفَه!» انتهى.
فأمَّا دعواه أنَّ ما أَذْرَعَ فلانة! بمعنى: ما أَخَفَّها في العزل، لم يُسمع منه فعلٌ ـــ فليست بصحيحة، قال ابن القَطَّاع: «ذَرُعت المرأة: خَفَّتْ يداها في العمل، فهي ذراعَ»، فعلى هذا لا يكون قولهم ما أَذْرَعَ فلانةَ شاذُّا؛ إذ هو مصوغ من فعلٍ.
وأمَّا كون الفعل المصوغ منه أَفْعَلَ وأَفْعِلْ ثلاثَّيا فاحتراز من أن يكون رباعيَّا أصلاً أو مزيدًا، نحو: دَحرجَ وتدحرجَ، فإنه لا يمكن منه بناء أَفْعَلَ وأَفْعِلْ لهدمِ بنيته ولزومِ حذفِ بعض أصوله.
وأمَّا كونه مجردًا فاحتراز من أن يكون غير مجرد، ويأتي الكلام فيما يُبنى من الثلاثي غير المجرد عند تعرُّض المصنف له إن شاء الله.
وأمَّا كونه تامَّا فاحتراز من أن يكون ثلاثيَّا مجردًا غير تامّ، نحو كان الناقصة وظَلَّ وكَرَبَ وكادَ ونحوهن من أخوات كان. وهذا الشرط ذهب إليه الجمهور.
وأجاز بناءه من كان الناقصة بعضهم، قال أبو بكر بن الأنباري: «وتقول: كان عبد الله قائمًا، فإذا تعجَّبت 5 منه قلت: ما أَكْوَنَ عبدَ الله قائمًا! فـ (ما) مرفوعة بما في أَكْوَنَ، واسم كان مضمر فيها، وعبد الله منصوب على التعجب، وقائمًا خبر كان، فإن طرحت وتعجبت قلت: أَكْوِنْ بعبد الله قائمًا! وأَكْوِنْ بعبدَي الله قائمين! وأَكْوِنْ بعبيدِ الله قيامًا!».