وهذا أبعد هذه الأقوال من الصواب لظهور فساده، وذلك أنَّ العرب التزمت أن يكون خبر «ما» في التعجب على وزن أَفْعَلَ، ولأنَّ التعجب يكون واقعًا على كان، وليس مغيَّرًا إلى ما يدل على التعجب؛ إذ لا تقول: ما قامَ زيدٌ، تريد التعجب من قيامه.
والأحسن مذهب الفارسي؛ لأنَّ زيادة المفرد أسهل من زيادة الجملة.
وحُكي عن العرب إدخال «يكون» بين «ما» وأفعَلَ، حُكي: ما ـــ يكونُ ــ أهْوَنَ زيدًا اليومَ! وما ـــ يكونُ ـــ أَحْسَنَ زيدًا!
قال الفارسيّ: إنما جاز دخول كان على فعل التعجب لأنه يقتضي دلالته علي الزمان لكونه كالاسم؛ والاسم لا يدلَّ على الزمان كدلالة الفعل، وإنما كان كالاسم لعدم /تصرفه، ولأنه يصح، فتقول: ما أقْوَلَه! كالاسم، فاحتيج إلى تبيين الزمان، ولذلك بُيِّن تامُّ الأفعال الدالة على الزمان المطلق، ولم يدخل في
غيرها من أخواتها، نحو أصبح وأمسى وما يخصُّ وقتًا.
واختلوا في زيادة غير «كان» بين «ما» و «أفْعَلَ»:
فذهب الأخفش والكسائيُّ والفراء إلى جواز زيادة أَمسى وأَصبحَ بينهما، واستُدِلَّ بما حكي من كلامهم: ما ـــ أَصبَحَ ــــ أَبْرَدَها! وما ــــ أَمسى ـــ أَدْفَأَها! وحَمل جمهور البصريين ذلك على الشذوذ والاقتصار في ذلك على ما سُمع.