وقوله ولا يتصرفان يعني أنَّ «ما أَفْعَلَه» لا يقال منه مضارع ولا أمر، وكذلك أَفْعِلْ في التعجب، لا يُستَعمَل منه ماضٍ ولا مضارع، وليس أَفْعِلْ هذا أمرًا من أَفْعَلَ عند الجمهور لاختلاف مدلول الهمزة فيهما؛ لأنها في أَفْعَلَ للنقل، وفي أفْعِلْ للصيرورة.

قيل: وإنما منع التصرف لأنه إنما يُتَعَجَّب مما وَقع لا مما يقع، فلمَّا كان معنى التعجب لا يختلف باختلاف الزمان لزم طريقهً واحدة، وهي المضيُّ إمَّا لفظًا ومعنًى، وإمَّا معنًى لا لفظًا، وذلك في أَفْعِلْ. وقيل: ضُمِّنَ معنَى التعجب، فأشبهَ الحرف؛ لأنَّ الموضوع للدلالة على المعاني إنما هي الحروف.

وقال أبو الحسن بن الباذش: «الحرف الذي ضُمِّن أَفْعِلْ عند جماعة من النحويين هو اللام؛ لأنَّ الأصل في نحو أَحْسِنْ بزيد: لُحْسِنْ بزيدٍ، أي: ليُحْسِنْ زيدٌ، فدخلت اللام فيما أريد به معنَى التعجب كما دخلت فيما أريد به معنَى الأمر؛ ثم حذفت اللام وحرف المضارعة كما يُحذَفان من فعل الأمر، ورُدَّت الهمزة المحذوفة لسكون ما يليها؛ لأنَّ الأصل: لُيؤَحْسِنْ زيدٌ، وما أَفْعَلَ في عدم التصرف محمول على أَفْعِلْ به» انتهى.

وما ذكره المصنف من كونهما لا يتصرفان صحيح، لكنْ في أَفْعَلَ بعد «ما» خلافٌ: ذهب البصريون إلى أنه يلزم فيه لفظ المضيّ، لا خلاف عنهم في ذلك.

وأجاز هشام بن معاوية الضرير ـــ وهو من أئمة الكوفيين ـــ أن تأتي لهذا الماضي بمضارع في التعجب، فتقول: ما يُحْسِنُ زيدًا! قال هشام: «لأنه قد أحاط العلم بأنه يكون». وما قاله قياس، ولم يُسمع من العرب، فوجب اطِّراحه.

وقوله ولا يليهما غيرُ المتعجَّب منه إن لم يتعلَّق بهما يعني أنه لا يُفصل بين أَفْعَلَ ومنصوبه ولا أَفْعِلْ ومجروره بشيء لا يتعلَّق بهما، وسبب ذلك ضعفهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015