وهذا الذي ذكره عن ابن كيسان من اطِّراد تصغير أَفْعَلَ في التعجب هو نص كلام البصريين والكوفيين. أمَّا البصريون فنصَّوا على ذلك في كتبهم ـــ وإن كان خارجًا تصغيره عن القياس ــــ فقالوا: لم يُصَغَّر من الأفعال إلا أَفْعَل في التعجب. وقال س:
«وسألتُ الخليل عن قول العرب: ما أُمَيْلحَه، فقال: لم يكن ينبغي أن يكون في القياس، وليس شيْ من الفعل ولا شيء مما يسمى الفعل به يُحَقَّر إلا هذا وما أشبهه من قولك: ما أَفْعَلَه» انتهى. فدلَّ قوله «إلا هذا وما أشبهه من قولك ما أفْعَلَه» على أنَّ تصغيره مقيس، فتقول: /ما أُظَيرِفَه! وما أُجَيمِلَه! وكذلك كل ما يقال فيه ما أَفْعَلَه.
فرع: إذا تعجبت من نحو حَيِيَ، فقلت: ما أَحْيا زيدًا! ثم صغَّرته ــــ قلت: ما أُحيَّ زيدًا! وذلك أنَّ أصله: ما أُحَيِّيَ زيدًا! اجتمعت ثلاث ياءات: الياء التي للتصغير، والياء التي هي عين الكلمة، والياء التي هي لام الكلمة، فحذفت الأخيرة التي هي لام الفعل، وتحركت الياء التي بعد ياء التصغير بالفتح؛ لأنَّ الفعل الماضي مبنيّ على الفتح. ونظير ذلك أُحَيُّ ــــ تصغير أَحْوى ــــ عند من يحذف ويمنع الصرف؛ لأنه نوى ما حذف.
وقوله وقياس أَفْعِلْ عليه أي: وخلافًا لابن كيسان في قياس أَفْعِلْ في التصغير على أَفْعَلَ، فيجيز: أُحَيْسِنْ بزيد! قياسًا على ما أُحَيْسنَ زيدًا! ولم يُسمع التصغير في أَفْعِلْ، إنما سُمع في أَفْعَلَ، وإذا كان تصغير أَفْعَلَ شاذَّا في القياس وخارجًا عن النظائر فلا يمكن القياس عليه البتة.