بأن يجرى مجراها، ولم يمنع ذلك من بروز فاعلي الفعلين في التثنية والجمع والتأنيث، فلو كان أَفْعِل المذكور فعلَ أمرٍ جاريًا مجرى المَثَل لعوامل معاملة اذهبْ وتَسلَم.

الثالث من الإشكالات: أنَّ أَفْعِل المذكور لو كان أمرًا مسندًا إلى المخاطب لم يجز أن يليه ضمير المخاطب، نحو: أَحْسِنْ بك! لأنَّ في ذلك إعمال فعلٍ واحد في ضميري فاعل ومفعول لمسمَّى واحد.

الرابع من الإشكالات: أنَّ أَفْعِل المشار إليه لو كانت بمعنى الأمر لا بمعنى أَفْعَلَ تالي (ما) لوجب له من الإعلال إذا كانت عينه ياءً أو واوًا ما وجب لأَبنْ وأَقِمْ ونحوهما، /ولم يُقَلْ أبين به وأَقْوِم، فيلزم مخالفة النظائر، فإذا جُعلَ مخالفًا لأَبِنْ وأَقِمْ ونحوهما في الأمرية موافقًا لأَبْيَنَ وأَقْوَمَ من: ما أَبْيَنَة! وما أَقْوَمَه! في التعجب ـــ سُلك به سبيل الاستدلال، وأُمن الشذوذ من التصحيح والإعلال» انتهى.

وتلخَّص من هذه النقول أنَّ أَفْعِلْ كالمجمع على فِعلَّيته، خلافًا لِما يَدُولَّ عليه كلام ابن الأنباريّ أنه اسم، وإذا كان فعلاً فهل هو أمرُ حقيقة أم أمرُ لفظًا بمعنَى أَفْعَلَ؟ قولان. وإذا كان أمرًا حقيقةً فهل الفاعل المخاطب أو ضمير المصدر الدالّ عليه أَفْعِلْ؟ قولان. وهل الهمزة في أَفْعِلْ للتعدية، فتكون الباء زائدة، أو للصيرورة فتكون الباء للتعدية؟ قولان. وإذا كان بمعنى أفْعَلَ فالفاعل هو المجرور بالباء، ولا ضمير في أَفْعِلْ.

ولو ذهب ذاهبُ إلى أنَّ أَفْعِلْ أمرٌ صورةً خبرٌ معنًى، بمعنى أفْعَلَ، والفاعل فيه مضمر، يعود على المصدر المفهوم من الفعل، و «بزيد» في موضع، مفعول، والهمزة في أَفْعِلْ للتعدية ـ لكان مذهبًا، فإذا قلتَ أَحْسِنْ بزيدٍ فمعناه: أحسَنَ هو ـ أي: الإحسانُ ـ زيدًا، أي: جعلَه حسنًا، وكذلك: أَكْرِمْ بزيد، أي: أكْرَمَ هو ـ أي: الإكرام زيداً، أي: جعله كريماً، فيوافق في المعنى: ما أكرم زيداً! أي شيء جعل زيداً كريماً، وهو الإكرام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015