ولا دليل في ذلك على فساد هذا القول؛ لأنَّ أصل المصدر ألا يجيء بتاء التأنيث، فرُوعِيَ في تذكير الضمير ما كان يستحقُّه المصدر من التذكير، وإن لم يُنطَق به مذكرًا، لكنه ذُكَّرَ على ما كان يستحقُّ أن يجيء عليه، ولأن يجري الأمر في ذلك مجًرى واحدًا، كما ذكروا في: ما أَحْسَنَ زيدًا! وإن كان مؤثِّر التعجُّب قد
يكون مؤنثًا ولأنَّ ذلك جرى مجرى الأمثالُ لا تحتمل التغيير.
والقول الثاني أنَّ المخاطب هو الشخص، فإذا قلت أَحْسِنْ بزيدٍ فالفاعل ضمير المخاطب، فكأنك قلت: أَحْسِنْ يا مخاطبُ بزيدٍ، ولا يبرز الضمير باختلاف المخاطب تثنية وجمعًا وتأنيثًا؛ لأنه جرى مجرى المَثَل، وكان الأصل: شيءٌ أَحْسَنَ زيدًا، أي: كان سببَه أو حَكَمَ بحسنه، ثم أَمروا المخاطب بذلك، فمعنى يا زيدُ أَحْسِنْ بعمرٍو، أي: احْكُمْ بحُسْنه، ولَزِمَت الباء في المفعول ليكون للأمر في معنَى التعجب حالة لا تكون له حالة غير التعجب.
وقال بعض أصحابنا: ويحتمل أن تكون الهمزة لا للنقل، بل على معنَى أَقْطَعَ النخلُ، ثم أَدخَلوا الباء على معنى انه صيَّره كذلك، أي: صَيَّرَه ذا حُسْنٍ وذا كَرَمٍ أمرٌ ما، ثم أُمر السبب أو الشخص على النَّحْوَين المتقدِّمَين، فتكون الباء
للتعديه.
وقد استدلَّ القائلون بأنه ليس بأمر حقيقة على ذلك بعدم بروز الضمير إذا كان المخاطب مثنَّى أو مجموعًا أو مؤنثًا، ولأنَّ الهمزة إمَّا للتعدية فيجب نصب ما بعد الفعل، وليس كذلك. وإمَّا لغير التعدية كأَقْطَفَ الكَرْمُ، فيكون فاعلاً، والأصل فعلَ زيدٌ، وأنت تقول: فعلَ بزيد، فتُدخل الباء في الأصل، فكذلك دخلت في الفرع.
وقال ابن طلحة: «الدليل على أنه ليس بأمر أنه محتمل للصدق والكذب؛ لأنَّ المخبِر به قد قطع على أحد /محتملين. ودليل آخر أنه لا يجاب بالباء، وما مِن