قال ابن طلحة: «وهذا قول حسنٌ لتتوفر حقيقة اللفظ في الفعل وفي الاسم، فاللفظ لفظ الأمر، فيجب /أن يكون بين البابين نسب حتى تصح الاستعارة، ولم يتمحَّض فيه الأمر، لأنَّ المواجَه به غير محصَّل، فالاعتماد على المتعجَّب منه، ولذلك صار المعنى: حَسُنَ زيدٌ جدَّا، ولَّما لم يتمحَّض فيه معنى الأمر لم يصح أن يجاب، وأمكن أن يقطع فيه على أحد محتملين» انتهى
وقال غيره في تقرير هذا القول: كان الأصل: حَسُنَ زيدٌ، ثم دخلت همزة النقل على معنى: أَحْسَنَ زيدًا أمرٌ ما وسببُ ما، ثم أرادوا أمر الفاعل بأن يقع به على جهة اللزوم مجازًا، فكأنهم أمروا السبب باللزوم، أي: الزمْه يا سببُ، فمعنى أحْسِنْ بزيد! أي: دُمْ له، فهو أمر حقيقة.
وقد رُدَّ هذا المذهب بأنهم يصرَّحون بخطاب الشخص، فيقولون: يا زيدُ أَحْسِنْ بعمرٍو، فكيف يكون الضمير لمخاطبين.
وقال المصنف في الشرح: «وقد يُتَوَهَّمُ أنَّ أَفْعِلْ أمرُ خوطب به المصدر على سبيل المجاز، كأنَّ من قال: أَحْسِنْ به! قائل: يا حُسْنُ أَحْسِنْ به، فلهذا لزم الإفراد والتذكير. أشار إلى هذا أبو علي في (البغداديات) منفَّرًا منه وناهيًا عنه. ومما يبيِّن فساده أنَّ من المصادر المصوغ منها أَفْعِلْ ما لا يكون إلا مؤنثًا كالسُّهولة والنَّجابة، فلو كان الأمر على ما تَوَهَّمَه صاحب هذا الرأي لَقِيل في أَسْهِلْ به، وأَنْجِبْ ِبه: أَسْهِلِي به، وأَنْجِبِي به، لكنه لم يُقَبلْ، فصحَّ بذلك فساد ما أدَّى إليه» انتهى.