ما الذي أخرجه حتى صار إلى تلك الحال، ولو وَصل (ما) كان قد بَيَّنَ وأَوضح، وليس هذا طريق التعجب؛ ألا ترى أنهم لا يقولون: شيءٌ أَحسَنَ زيدًا؛ إذ كان (شيء) بهذا اللفظ يَخُصُّ الواحد، ويميز بينه وبين ما ليس بواحد، فعدلوا عنه لذلك إلى ما هو أعمُّ منه، وهو (ما).
وقال المصنف في الشرح ــ وقد ذكر المذاهب في (ما) ـ: «والقول الأول قول البصريين، وهو الصحيح؛ لأنَّ قصد المتعجِّب الإعلام بأنَّ المتعجب منه ذو مزية، إدراكُها جَلِيُّ، وسبب الاختصاص بها خَفِيُّ، فاستَحَقَّت الجملة المعَّبر بها عن ذلك أن تُفتَتَح بنكرة غير مختصَّة ليَحصل بذلك إبهام متلوُّ بإفهام، ولا ريب في أنَّ الإفهام حاصل لإيقاع أَفْعَلَ على المتعجَّب منه؛ إذ لا يكون إلا مختصَّا، فتعيَّن كون الباقي مقتضيًا للإبهام، وهو (ما)، فلذلك اختير القول بتنكيرها، ولا يمتنع الابتداء بها ـ وإن كانت نكرة غير مختصَّة ـ كما لم يمتنع الابتداء بـ (مَن) و (ما) الشرطيتين والاستفهاميتين».
وقوله ولا موصولة خلافًا للأخفش في أحد قوليه الأجود أن يقول: «في أحد أقواله»؛ لأنه روي عن الأخفش ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها نكرة تامة، كمذهب الجمهور.
الثاني: أنها موصولة، وأَفْعَل صلة لها، وبه قال طائفة من الكوفيين، ويكون الخبر محذوفًا لازم الحذف. قال المصنف في الشرح: «فيتحصل أيضًا بقوله هذا