وقوله وقد يَرِدُ بعد الفاعل الظاهر مؤكَّدًا وفاقًا للمرد والفارسي قال المصنف في
الشرح: «منع س الجمع بين التمييز وإظهار الفاعل، وأجاز ذلك أبو العباس
والفارسي، وقولهما هذا هو الصحيح، وحامل ُ س على المنع كون التمييز
في الأصل مسوقًا لرفع الإبهام، والإبهامُ إذا ظهر الفاعل زائل، فلا حاجة إلى
التمييز، وهذا الاعتبار يلزم منه منع التمييز في كل ما لا إبهام فيه، كقولك: له
من الدراهم عشرون درهمًا، ومثل هذا جائز بلا خلاف، ومنه قوله تعالى {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا}
، {واختار موسي قومه سبعين رجلا}، {فتم ميقت ربه أربعين ليلة}
{فهي كاحجارة أو أشد قسوة}، فكم حُكم بالجواز في مثل هذا، وجُعل سبب
الجواز التوكيد لا رفع الإبهام ـ فكذلك يفُعل في نحو: نِعمَ الرجلُ زيدُ، ولا يُمنع؛
لأنَّ تخصيصه بالمنع تحكُّم بلا دليل، هذا لو لم تستعمله العرب، فكيف وقد
استعملته، كقول جرير يهجو الأخطل:
والتَّغِلبِيُّونَ نِعمَ الفحلُ فحلُهمُ ... فَحلاً، وأُمُّهمُ زلاًء مِنْطِيقُ