والصحيح أنه لا يجوز ذلك وإن فُهم المعنى، وقد نص بعض أصحابنا على شذوذ (فَبِها ونِعْمتْ)، فقال: «والتفسير واجب إن أُضمر الفاعل؛ لأنه إضمارُ قبل الذكر على شريطة التفسير، وقد شذّ (فَبِها ونِعْمَتْ) في قولهم: إن فعلتَ كذا فَبِها ونِعْمَتْ، أي: ونِعْمتِ الحاجةُ حاجتُك، فأضمر، ولم يأت بالتفسير» انتهى.
وقد نصَّ س على وجوب ذكر هذا التمييز ولزومه، قال س بعد ما ذكر:
نِعمَ رجلاً عبد الله، وبعد ما قال: ومثلُه: رُبَّه رجلاً، قال: «ولا يجوز لك أن تقول: نِعمَ، ولا: رُبَّه، وتسكت؛ لأنهم إنما بدأوا بالإضمار على شريطة التفسير، وإنما هو إضمارُ مقدَّم قبل الاسم، والإضمار الذي يجوز السكوت عليه إضمار بعد ما ذكر الاسم مظهرًا، فالذي تقدَّم من الإضمار لازم له التفسير حتى يبيِّنه» انتهى.
والذي ورد في الحديث من قوله (مَنْ توضَّأَ يوم الجمعةِ فَبِها ونِعْمَتْ) جاء على سبيل ما ورد من قولهم: إنْ فَعلتَ كذا وكذا فَبِها ونِعْمَتْ، وقد اختُلف في تخريجه، فخرَّجه ابن عصفور على أنَّ التقدير: فبالرُّخصةِ أَخَذَ ونِعْمَتْ رخصةً الوضوءُ، فحذف التمييز والمخصوص. وخرْجه المصنف على ما حكيناه عنه، وقدَّره: ونِعْمَتِ السُّنَّة سُنَّةً. ونَّبهنا على أنه كان ينبغي أن يقدَّر على تخريجه: ونِعْمَتْ سُنَّةً السُّنَّةُ. وخرّجه ابن هشام على أنَّ القدير: نِعْمَتِ الفَعْلةُ الأخذُ بالسُّنَّة، قال: «فالفَعْلة فاعلُ نِعم، والأخذُ بالسُّنَّة مبتدأ، والخبر في الجملة المتقدمة».
قال: «وجائز أن يكون خبر مبتدأ مضمر، حذف مع المبتدأ أيضًا لدلالة الكلام
عليه». قال: «وكونه مبتدأ أقوى» انتهى. وهذا التخريج ليس جاريًا على قواعد
البصريين؛ لأنه زعم فيه أنَّ الفَعلة فاعل نِعم، وهو محذوف، والفاعلُ لا يُحذف.