ويقتضي الاستقراء أنَّ تمييز كأيَّن لا يكون جمعًا، فليست مثل كم الخبرية في التمييز إذ الصحيح والمسموع أنه يكون جمعًا، وإن كان الأكثر أن يكون مفردًا. وأمَّا تمييز كذا فملتزَم فيه النصب.
واختلف النحاة في الوقف على كأيَّن: فذهب السيرافي والفارسي وجماعة من البصريين إلى أنه بحذف التنوين؛ لأنه الذي كان في أيِّ. وذهب ابن كيسان، وتعبه ابن خروف، إلي أنها لَّما تَركّبتْ جُعل التنوين فيها كالنون الثابتة في الحرف، فوُقف عليها بالنون، وكُتبت بالنون.
وقوله وتنفرد مِن كذا بلزوم التصدير يعني أنَّ كأيَّن تلزم الصدر، بخلاف كذا، فإنه لا يُلتزم فيه التصدير، بل يجوز أن تتقدم عليها العوامل، وقد تقدَّم في تمثيل ابن عصفور أنه يدخل عليها حرف الجر، فمثل بقوله: بكأيِّن مِن رجلٍ مررتُ وقد تقدَّم ابنَ عصفور إلى ذلك ابنُ قتيبة، فقال في «الكتاب الجامع» له في النحو: «كأيِّن. بمعنى كم، تقول: بكأيَّن /تبيع هذا الثوب؟ أي: بكَمْ تَبيعه؟».
وقال ابن تقي: «كأيَّن أصلها أيُّ التي يُسأل بها عن كل شيء، فلمَّا دَخلت الكاف عليها لزمت بجملتها العدد، وزالَ معنى الاستفهام منها، فكان الأصل: كأيَّ عددٍ عددُ دراهمك؟ ثم حذفوا الثاني، ونَوَّنوا، ورَكَّبوا، وغَلَّبوا الاسمية، وصارت لا يعمل فيها ما قبلها؛ لأن أحد جزأيها في الأصل استفهام» انتهى.
ويحتاج دخول حرف الجر عليها إلى نقل، ولا ينبغي أن تقاس في ذلك على كم الخبرية؛ لأنَّ قياس كأيَّن عليها يقتضي أن يُضاف إليها أيضًا كما يُضاف إلى