وقال الآخر:
كَمْ نالَنِي مِنهُمُ فَضلاً على عَدَمٍ ... إذْ ... لا أَكادُ مِنَ الإقْتارِ أَحْتَمِلُ
وزعم بعض قدماء النحويين أنَّ الأصل في تمييز كم الخبرية والاستفهامية النصب، ولا يكون الخفض فيهما إلا بتقدير مِن، كما تقدم في: على كم جِذعٍ؟ ويدلُّ عليه ظهورها.
وقَوّاه /الخليل بأنَّ حروف الجر قد تُضمَر وتَعمل، كقوله «لاه أبوك»
ولقيتُه أمسِ، تريد: بالأمس؛ لأنهم لا يستعملونه إلا بالباء؛ لأنه صار كالاسم للظرف، وقد تحذف رُبَّ، وتُبدَل منها الواو.
وضَعَّف س هذا بوجوه:
أحدهما: أنَّ الأكثر في الاستفهام النصب، فأُوَّل جَرُّها، والأكثر هنا الجر فلا يُؤَوَّل.
والثاني: أنَّ إضمار حرف الجر ليس بقياس، فلا يُصار إليه. وأمَّا «لاهِ أبوك» فشاذ، وأمَّا «لَقيتُه أمسِ» فيحتمل أن تستعمله هنا ظرفًا كما في الأصل مراعاة لأصله، كما تقول: لَقيتُه بالأمس.
فعلى هذا المذهب الذي لبعض القدماء لا يكون النصب في الخبرية حملاً على الاستفهامية، إنما يكون على الأصل، والخفض مُتَأَوَّل على إضمار مِنْ