النصب، وهو قول عامَّة الناس. وأمَّا الذين جَرَّوا فإنَّهم أرادوا معنى مِنْ،
ولكنَّهم حذفوها تخفيفًا، وصارت (على) عوضًا منها» انتهى.
ومذهب س والخليل والفراء والجماعة أنَّ الخفض هو بإضمار من، إلا الزجاج، فإنَّ النَّحاس حكى عنه أنه مخفوض بإضافة كَم لا بإضمار مِن. قال ابن خروف: «ولا يكون الخفض بها؛ لأنَّها بمْنزلة عدد ينصب ما بعده قولاً واحدًا، فيجب لِما حُمل عليه ونُزِّل منْزلته أن يكون
كذلك» انتهى.
وقال شيخنا /أبو الحسن الأبَّذيّ: «حين خفضوا بعد الاستفهامية لم يَخفضوا إلا بعد تقدُّم حرف جر، فكونُهم لم يتعدَّوا هذا دليلُ لما ذكره س مِن أنَّ الخفض بإضمار من، وحُذفت تخفيفًا، وصار حرف الجر المتقدِّم عوضًا منه، أي: دليلاً عليه، إلا أنه عاِمل في كم خاصةً، وجِذْع مخفوض بإضمار من. ومثل س
ذلك بقولهم: ها الله لا أفعلُ ذلك، يقول: مما حُذف منه حرف الخفض للعوض منه. وحين لم يكن عوضًا لم يخفضوا، كما قالوا: كم جذعًا؟ فنصبوا، فلما قالوا (على كم) أمكن أن يقولوا (جذعٍ) بالخفض لتقدُّم العوض» انتهى.
ولا يلزم أن يقع العوض موقع المعوض منه، ألا ترى أنَّ التاء في زنادقة عوض من الياء في زَناديق، ولم تقع موقعها.
والدليل على أنَّ حرف الجر عوض من «منْ» أنهما لا يجتمعان، فلا تقول: على كم مِن جِذعِ، والحذف للعوض كثير، كقولهم: آلله؟ ولا ها اللهِ، فالهمزة والهاء عوض من حرف القسم.