ولا نعلم في اسميتها خلافًا إلا ما ذكره صاحب «البسيط» في الخبرية أن
بعضهم ذهب إلى أنها حرف للتكثير في مقابلة «رُبَّ» الدالَّة علي التقليل؛ فقال: «وهو فاسد لوجوه: أحدها أنك تقول: كم رجلُ أفضل منك، فترفع، ولا يكون كلام بمرفوع واحد. ولأنَّ حروف الجر تدخل عليها، بخلاف رُبَّ، تقول: بكم مررت. وتقول: كم رجلاً ضربت، فتكون مفعولا، ولذلك فرّغت. ولأنها بمعنى كأيِّن، وهي اسم».
وقوله لعدد مبهم، فيفتقر إلى ممِّيز «كم» تنظم العدد أولاً وآخرًا. قال
الرماني: «الحكمة في وضعها الاختصار والعموم الذي لا يُستفاد بصريح العدد، لو قلت: أعشرون رجلاً جاؤوك؟ لم يلزمه أن يجيبك بكمية، بل يقول: لا، أو: نعم، وإن قال «لا» لم يحصل لك غرض السؤال مع الإطالة. ولو قلت: كم رجلاً جاءك؟ استغنيت عن لفظ الهمزة والعدد، وألزمت الجواب بالكمية» انتهى.
وزعم بعضهم أنها في الاستفهام للتكثير. والصحيح أنها وُضعت مبهمة، تقبل قليل
العدد وكثيره لصلاحية الجواب بالأقل، حكى الأخفش عن العرب: كم مكثَ
عبد الله أيومًا أم يومين؟ وهي أشدُّ إبهاما من أسماء العدد؛ لأنه ينبهم معها العدد
والمعدود، وأسماءُ العدد نصُّ فيه، فلا إبهام فيه، لكنها لا تدلُّ علي جنس المعدود،
فيحتاج من أجل ذلك إلي ذكر جنسه ليتميز به العدد. واحتياجُ كم إلى مميِّز أشد من احتياج أسماء العدد.
وقوله لا يُحذف إلا لدليل تقول: كم مالُك؟ وكم غلمانُك؟ وكم درهُمك؟
وكم سرتَ؟ وكم زيدُ ماكث؟ وكم جاءك بكرً؟ والتقدير: كم دينارًا أو درهًما
ماُلك؟ وكم نَفْسًا غلمانُك؟ وكم دانِقًا درهُمك؟ وكم فَرسَخًا سرتَ؟ وكم يومًا أو شهرًا زيدُ ماكثُ؟ وكم مرةً جاءك بكرُ؟ وقال الشاعر: