مخفوض في التقدير، والظروف والأحوال غير متمكنة، فكان ترك التنوين فيها أنسب، كما فعلوا ذلك في النداء، فقالوا: يا بن أم، ويا بن عم، ونحوه؛ لأن النداء باب لا تتمكن فيه الأسماء، فساغ لهم ذلك ترك التنوين، فهو محذوف لا للبناء، وذلك نحو: هو جاري بيت بيت، ولولا يوم يوم، وأتيتك صباح مساء، ولقيته كفة كفة، وبين بين.
وقال بعض النحويين: «إنها مركبة بمنزلة خمسة عشر، وعلة البناء أن أصلها العطف بالواو، فحذفت الواو، وضمن معناها، فبني كخمسة عشر؛ إذ الأصل: أتيتك صباحا ومساء، ويوم يوم، وكذلك في أخواتها. وهو معزي إلي س لقوله (يجعله بعضهم كاسم واحد)، وليس يمتنع التنوين إلا بناء، وأيضا لا عهد بترك التنوين للإتباع.
وما ذكروه عن س فالظاهر خلافه؛ لأنه قال فيها: (والآخر من الأسماء في موضع جر)، ولو كانت كخمسة عشر ما كان في موضع شيء، فدل علي أن الإضافة عنده أصلها، وأن هذا طارئ عليها، وإنما يريد بقوله (كاسم واحد) أي بحسب/ ظاهره.
وقولهم إن التنوين لا يحذف للإتباع، قلنا: ليس الإتباع بما هو إتباع هو السبب، بل السبب جعله مع الأول كشيء واحد كخمسة عشر، فحذف من الآخر كما حذف التنوين من قولك: هذا زيد بن عمرو، وحكم الطرف كحكم الوسط، ولتأويله تأويل اللفظ الواحد جاز الإتباع فيه كما جاز في اللفظ الواحد» انتهى.