ومن زعم أن قولهم دارى خلف دارك فرسخا هو من المنتصب عن تمام
الكلام لا يجيز توسيطه بين الجزأين فلا يقول: دارى فرسخا خلف دارك. واما من
يجعله منصوبا عن تمام الاسم فهو احرى بالمنع.
وأما المسألة التى ذكرها المصنف، وهى انه يجوز تقدم التمييز على العامل اذا
كان فعلا متصرفا فاحترز بقوله "متصرفا" من ان يكون غير متصرف، فانه لا
يجوز وذكر المصنف الاجماع على ذلك ومثاله: ما أحسن زيد رجلا! وأحسن
بزيد رجلا! فلا يجوز: ما رجلا أحسن زيدا ولا: رجلا أحسن بزيد.
ونقص المصنف شرط اخر فى جواز التقديم على العامل اذا كام فعلا
متصرفا وهو ان يكون التمييز غير منقول، فانه لا يجوز تقديمه على العامل فيه وان
كان فعلا متصرفا وهو قولك: كفى بزيد ناصرا كفى بزيد
باجماع ولا: شهيدا كفى بالله. وقد عده المصنف فى مميز الجملة، واما غيره
فعده فيما انتصب عن تمام الاسم , فامتنع التقديم كما امتنع فيما انتصب عن تمام
الاسم.
وقد أثبت المصنف كون التمييز منقولا من المفعول , فيندرج جواز تقديمه
على العامل اذا كان فعلا متصرفا فيجوز: شجرا غرست الارض وعيونا فجرت
الارض.
وأما ما العامل فيه الوصف فان المصنف جعله مما انتصب عن تمام المفرد ,
فقياس قوله يقتضى الا يجوز تقديمه على الوصف فلا يجوز: ما نفسا طيب زيد
ولا: اغضبا ممتلئ عمرو؟ وقياس من جعل ذلك منتصبا عن تمام الكلام ان يجيز
ذلك لجريان الوصف مجرى الفعل.
أما فى أفعل التفضيل فانه لا يجوز تقديم التمييز عليه مجال لا مقال: ما وجها
أحسن منك احد ولا: زيد وجها أحسن منك. والفرق بينه وبين الوصف الذى
قبله ان الوصف له فعل بمعناه , وأفعل التفضيل لم تبن العرب فعلا بمعناه فضعف