تقديم الحال التى عملت فيها عليها وإن لم يسغ ذلك فى الألفاظ التى عملت فى الحال بما تضمنته من معنى الفعل.
قال بعض أصحابنا: «وهذا الذي ذهبوا إليه باطل من جهة أن هذه المشابهات لم تلحقها بالفعل , بدليل أنها لا تنصب المفعول به وإن كانت مشتقة من الفعل المتعدى , ولو كانت تجرى مجرى الفعل للاشباه التى ذكروها لنصبت المفعول به , فالصحيح إضمار إذ كان أو كان , وهو الذى ارتضاه الفارسى فى حلبياته وإن كان قد جوز الوجه الاخر إلا انه استضعفه» انتهى.
ولا يلزم من إجراء أفعل مجرى الفعل فى العمل فى الحال والظرف للأشباه التى ذكرت أن تعمل فى المفعول به , إذ ما أشبه الشئ لا يعطى حكم ذلك الشئ كله , وما ادعوه من الإضمار لم ينطق به فى موضع من المواضع.
والذى نختاره أن أفعل التفضيل عامل فى الحالين لأنه تضمن معنى فعل يتعلق بمصدرين , والتقدير: هذا يزيد طيبه بسرا على طيبه رطبا. هذا اصل الكلام , ثم حذف , وضمن أفعل التفضيل معنى يزيد المتعلق بمصدرين , فبسرا فى الحقيقة معمول لمصدر محذوف , وكذلك رطبا , فلما ضمن أفعل التفضيل معنى هذين المصدرين لدلالته على يزيد المتعلق بهما جاز أن يعمل فيهما مراعاة للاصل. وأيضا فالحلات فى اللفظ لا يرجعان الى ذى حال واحدة بل الى ذوى حال , ألا ترى ان الواحدة حال من الضمير المجرور.
وكان القياس منع هذه المسألة على المذهبين لولا ان السماع ورد بها , لانا اذا ادعينا إضمار كان ادعينا ما لم تلفظ به العرب قط , ولا يعم ابضا جميع المسائل لانك لو اخبرت عن المحكوم عليه بأفعل التفضيل حالة التباسه بإحدى