وأما الكوفيون فيزعمون أن انتصاب الحال لانقطاعها من إعراب ذي الحال لتخالفهما بالتنكير والتعريف , فلما لزمها خلاف صاحبها , ولم يمكن أن يعمل فيها العامل في ذي الحال لاشتغاله به عنها - نصبت على القطع , وعمل فيها النصب عندهم الحديث والمحدث عنه كلاهما , ولذلك أجازوا أن تقول: قائماً في الدار أنت , ومسرعاً أقبلت , فقدموا الحال فيهما , ولم يفرقوا بين الفعل وغيره.
وليس تقديم الحال وتوسيطها جائزاً على الإطلاق عندهم , بل لهم في ذلك تفضيل:
فإن كان الحال من مرفوع ظاهر تأخرت وتوسطت والرافع قبلها ولم تتقدم على الرافع والمرفوع كليهما , فلا يجوز عندهم: راكباً جاء زيد. وحجتهم أن الحال مبناها على الشرط , فبطل راكباً يجيء زيد من حيث لم يجز إن يركب يجيء زيد , وإن ركب يجيء زيد , وإنما بطل هذا التقديم لأن كناية زيد مع حرف لا ينوى به تأخير , دليل ذلك انجزام يجيء بعد إن يركب , ومحال أن يجيء إن بعد الجزاء المجزوم , فإذا ثبت لها التقدم فسدت المسألة بتقدم المكنى على الظاهر.
قالوا: وليس سبيل راكباً جاء زيد كسبيل غلامك ضرب زيد؛ لان الحال تخالف الغلام من جهة أن الغلام لا يخلو من نية التأخير؛ إذ هو منصوب لم