فمن الجائز أن يكون العامل فيها فعلاً متصرفاً , نحو: جاء , وذهب , فيجوز: مسرعاً جاء زيد , وضاحكة خرجت هندً؛ لان العامل فيها - وهو الفعل - قوى لتصرفه , فكما يجوز تقديم المفعول به عليه فكذلك يجوز تقديم الحال , وهو في الحال أجوز لشبهها بالظرف , والظرف يتسع في غيره , هذا مذهب البصريين إلا الجرمي فإنه لا يجيز تقديم الحال على العامل , شبهها بالتمييز في ذلك.
والقياس والسماع يردان عليه:
أما القياس فما ذكرناه من شبهها بالمفعول فيه , وهو الظرف , والفرق بين التمييز والحال واضح؛ لأن الحال يقتضيها الفعل بوجه ما , فقدمت كما تقدم سائر الفضلات , وعلى أن في تقديم التمييز على العامل فيه إذا كان فعلاً أو ما جرى مجراه وسلم أن العامل فيه ذلك في تقديمه عليه خلاف , وسيأتي أن جواز تقديمه إذ ذاك هو الصحيح.
وأما السماع فقوله تعالى (خشعاً أبصرهم يخرجون) وخشعاً حال , وذو الحال الضمير في يخرجون , والعامل يخرجون , وقد تقدمت الحال عليه , وقالت العرب: شتى تؤوب الحلبة , (فـ (شتى) حال من الحلبة , وقد تقدمت على تؤوب , وهو العامل فيها , وقال الشاعر:
سريعاً يهون الصعب عند أولى النهى ... إذا برجاء صادق قابلوا اليأسا